عن السبعة، أم عن العشرة، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين" (١). ويقول ابن الجزري: "وقد ذكر الناس من الأئمة في كتبهم أكثر من سبعين ممن هو أعلى مرتبة وأجل قدرًا من هؤلاء السبعة" (٢).
وإذا كان هذا هو رأي المحققين من الفقهاء والقراء والأصوليين الذين نظروا إلى القراءة باعتبارها وسيلة تعبُّد، وطريق تقرُّب، وشرطًا لصحة الصلاة، ومصدرًا للتشريع والتحريم والتحليل - فهناك إلى جانبهم فريق اللغويين الذين نظروا إلى القراءة نظرة مغايرة، لأن هدفهم مختلف، وغايتهم من قبول القراءة ليست العبادة أو الصلاة بها، إنما هي مجرد إثبات حكم لغوي أو بلاغي. ولذا فقد وضعوا شرطًا واحدًا لصحة الاستدلال اللغوي بالقراءة، وهو صحة نقلها عن القارئ الثقة حتى ولو كان فردا، سواء رويت القراءة بطريق التواتر، أو الآحاد، وسواء كانت سبعية، أو عشرية، أو أكثر من ذلك. بل إن ابن جني في مقدمة كتابه المحتسب كان حريصًا على وضع القراءة الشاذة على قدم المساواة مع القراءة السبعية، وذلك بقوله: إنه "نازع بالثقة إلى قرائه، محفوف بالرواية من أمامه وورائه، ولعله أو كثيرًا منه مساوٍ في الفصاحة للمجتمع عليه" (٣)، ويقول في مكان آخر: إنه لا يصح العدول عن المسمى شاذا، لأن الرواية تنميه إلى رسول الله ﷺ (٤). والقراءة- من زاوية الاستشهاد اللغوي البحت- نص عربيّ، رواه أو قرأ به من يوثق في عربيته، ولهذا فهي- حتى على فرض اختلاف العلماء في صحة التعبد والصلاة بها-
(٢) (النشر ١/٣٧)
(٣) (١/٣٢)
(٤) (السابق ١/٣٢، ٣٣)