وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إنَّهَا نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ : الَّذِينَ هُمْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ ؛ فَحَرَّمَ : نِكَاحَ نِسَائِهِمْ، كَمَا حَرَّمَ أَنْ يَنْكِحَ رِجَالُهُمْ الْمُؤْمِنَاتِ فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَهَذِهِ الْآيَةُ ثَابِتَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ.
وَقَدْ قِيلَ هَذِهِ الْآيَةُ فِي جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ نَزَلَتْ الرُّخْصَةُ [ بَعْدَهَا ] : فِي إحْلَالِ نِكَاحِ حَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً، كَمَا جَاءَتْ فِي إحْلَالِ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ قَالَ : فَأَيُّهُمَا كَانَ فَقَدْ أُبِيحَ [ فِيهِ ] نِكَاحُ حَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَقَالَ :﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [ إلَى قَوْلِهِ ] :﴿ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ ﴾ الْآيَةُ قَالَ فَفِي [ هَذِهِ ] الْآيَةِ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذَا : الْأَحْرَارُ ؛ دُونَ الْمَمَالِيكِ ؛ لِأَنَّهُمْ الْوَاجِدُونَ لِلطَّوْلِ، الْمَالِكُونَ لِلْمَالِ وَالْمَمْلُوكُ لَا يَمْلِكُ مَالًا بِحَالٍ.
وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْأَمَةِ إلَّا بِأَنْ لَا يَجِدَ الرَّجُلُ الْحُرُّ بِصَدَاقِ أَمَةٍ، طَوْلًا لِحُرَّةٍ وَبِأَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ، وَالْعَنَتُ : الزِّنَا.
قَالَ : وَفِي إبَاحَةِ اللَّهِ الْإِمَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى مَا شَرَطَ : لِمَنْ لَمْ يَجِدْ طَوْلًا وَخَافَ الْعَنَتَ.
دَلَالَةٌ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ