( أَنَا ) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ ﴾.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : حَرَّمَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) الْأُمَّ وَالْأُخْتَ : مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَاحْتَمَلَ تَحْرِيمُهُمَا مَعْنَيَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ) إذْ ذَكَرَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَأَقَامَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ، مُقَامَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنْ النَّسَبِ.
أَنْ تَكُونَ الرَّضَاعَةُ كُلُّهَا، تَقُومُ مُقَامَ النَّسَبِ : فَمَا حَرُمَ بِالنَّسَبِ حَرُمَ بِالرَّضَاعَةِ مِثْلُهُ وَبِهَذَا نَقُولُ بِدَلَالَةِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقُرْآنِ.
( وَالْآخَرُ ) أَنْ يَحْرُمَ مِنْ الرَّضَاعِ الْأُمُّ وَالْأُخْتُ، وَلَا يَحْرُمَ سِوَاهُمَا.
ثُمَّ ذَكَرَ دَلَالَةَ السُّنَّةِ، لِمَا اخْتَارَ مِنْ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَالرَّضَاعُ اسْمٌ جَامِعٌ، يَقَعُ عَلَى الْمَصَّةِ، وَأَكْثَرَ مِنْهَا إلَى كَمَالِ إرْضَاعِ الْحَوْلَيْنِ وَيَقَعُ عَلَى كُلِّ رَضَاعٍ : وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَاسْتَدْلَلْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِتَحْرِيمِ الرَّضَاعِ بَعْضُ الْمُرْضِعِينَ دُونَ بَعْضٍ لَا مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ : رَضَاعٍ.
وَجَعَلَ نَظِيرَ ذَلِكَ : آيَةَ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، وَآيَةَ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ وَذَكَرَ الْحُجَّةَ فِي وُقُوعِ التَّحْرِيمِ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ.
وَاحْتَجَّ فِي الْحَوْلَيْنِ بِقَوْلِ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) :﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾.
[ ثُمَّ قَالَ ] : فَجَعَلَ ( عَزَّ وَجَلَّ ) تَمَامَ الرَّضَاعَةِ : حَوْلَيْنِ [ كَامِلَيْنِ ] وَقَالَ :﴿ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ﴾ يَعْنِي ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) : قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَدَلَّ إرْخَاصُهُ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) : فِي فِصَالِ الْمَوْلُودِ عَنْ تَرَاضِيَ وَالِدَيْهِ


الصفحة التالية
Icon