الْحُكْمِ بَيْنَ عِبَادِهِ : الشَّرِيفِ مِنْهُمْ، وَالْوَضِيعِ :﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾.
فَقَالَ إنَّ الْإِسْلَامَ نَزَلَ : وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَطْلُبُ بَعْضًا بِدِمَاءٍ وَجِرَاحٍ ؛ فَنَزَلَ فِيهِمْ :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى ﴾ الْآيَةُ.
قَالَ : وَكَانَ بَدْءُ ذَلِكَ فِي حَيَّيْنِ مِنْ الْعَرَبِ : اقْتَتَلُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِقَلِيلٍ، وَكَانَ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ : فَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ : لَيَقْتُلُنَّ بِالْأُنْثَى الذَّكَرَ، وَبِالْعَبْدِ مِنْهُمْ الْحُرَّ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رَضُوا وَسَلَّمُوا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالُوا مِنْ هَذَا، بِمَا قَالُوا : لِأَنَّ اللَّهَ ( عَزَّ وَجَلَّ ) إنَّمَا أَلْزَمَ كُلَّ مُذْنِبٍ ذَنْبَهُ، وَلَمْ يَجْعَلْ جُرْمَ أَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ : فَقَالَ :( الْحُرُّ بِالْحُرِّ ) إذَا كَانَ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) قَاتِلًا لَهُ ؛ ( وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ) إذَا كَانَ قَاتِلًا لَهُ ؛ ( وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى ) إذَا كَانَتْ قَاتِلَةً لَهَا.
لَا أَنْ يُقْتَلَ بِأَحَدٍ مِمَّنْ [ لَمْ ] يَقْتُلْهُ لِفَضْلِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْقَاتِلِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) :﴿ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ.
﴾ وَمَا وَصَفْتُ مِنْ أَنْ لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا : فِي أَنْ يُقْتَلَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ.
دَلِيلُ أَنْ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ [ غَيْرَ ] خَاصَّةٍ كَمَا قَالَ مَنْ وَصَفْتُ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، لَمْ يُقْتَلْ ذَكَرٌ بِأُنْثَى.