( أَنَا ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ )، قَالَ : قَالَ اللَّهُ ( تَبَارَكَ وَتَعَالَى ) فِي الْمَمْلُوكَاتِ :﴿ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ﴾.
قَالَ : وَالنِّصْفُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْجَلْدِ الَّذِي يَتَبَعَّضُ فَأَمَّا الرَّجْمُ : الَّذِي هُوَ : قَتْلٌ فَلَا نِصْفَ لَهُ.
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إلَى أَنْ قَالَ : وَإِحْصَانُ الْأَمَةِ إسْلَامُهَا.
وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا، اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَلِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) :﴿ إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا : فَلِيَجْلِدْهَا.
﴾ وَلَمْ يَقُلْ مُحْصَنَةً كَانَتْ، أَوْ غَيْرُ مُحْصَنَةٍ.
اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) فِي الْإِمَاءِ :( فَإِذَا أُحْصِنَّ ) إذَا أَسْلَمْنَ لَا إذَا نُكِحْنَ فَأُصِبْنَ بِالنِّكَاحِ، وَلَا إذَا أُعْتِقْنَ وَ [ إنْ ] لَمْ يُصَبْنَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَجِمَاعُ الْإِحْصَانِ أَنْ يَكُونَ دُونَ الْمُحْصَنِ مَانِعٌ مِنْ تَنَاوُلِ الْمُحَرَّمِ.
وَالْإِسْلَامُ مَانِعٌ، وَكَذَلِكَ : الْحُرِّيَّةُ مَانِعَةٌ، وَكَذَلِكَ : الزَّوْجِيَّةُ، وَالْإِصَابَةُ مَانِعٌ، وَكَذَلِكَ : الْحَبْسُ فِي الْبُيُوتِ مَانِعٌ، وَكُلُّ مَا مَنَعَ أَحْصَنَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ ﴾ ؛ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ ﴾ ؛ أَيْ مَمْنُوعَةٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَآخِرُ الْكَلَامِ وَأَوَّلُهُ، يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْإِحْصَانِ الْمَذْكُورِ عَامٌّ فِي مَوْضِعٍ دُونَ غَيْرِهِ ؛ إذْ الْإِحْصَانُ هَهُنَا : الْإِسْلَامُ ؛ دُونَ : النِّكَاحِ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَالتَّحَصُّنِ بِالْحَبْسِ وَالْعَفَافِ.
وَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ : الَّتِي يَجْمَعُهَا اسْمُ الْإِحْصَانِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :{ وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا