يُقَالُ أَتَاهُ جِبْرِيلُ ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ) عَنْ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) بِأَنْ يُعْلِمَهُمْ نُزُولَ الْوَحْيِ عَلَيْهِ، وَيَدْعُوَهُمْ إلَى الْإِيمَانِ بِهِ.
فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ؛ وَخَافَ : التَّكْذِيبَ، وَأَنْ يُتَنَاوَلَ.
فَنَزَلَ عَلَيْهِ :﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغَتْ رِسَالَتَهُ وَاَللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ ﴾ فَقَالَ يَعْصِمُكَ مِنْ قَتْلِهِمْ أَنْ يَقْتُلُوكَ حَتَّى تُبَلِّغَ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ.
فَبَلَّغَ مَا أُمِرَ بِهِ فَاسْتَهْزَأَ بِهِ قَوْمٌ ؛ فَنَزَلَ عَلَيْهِ :﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾ قَالَ : وَأَعْلَمَهُ مَنْ عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِهِ ؛ فَقَالَ :﴿ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ هَلْ كُنْتُ إلَّا بَشَرًا رَسُولًا ﴾.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَأَنْزَلَ إلَيْهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) فِيمَا يُثَبِّتُهُ بِهِ إذَا ضَاقَ مِنْ أَذَاهُمْ ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾.
فَفَرَضَ عَلَيْهِ إبْلَاغَهُمْ، وَعِبَادَتَهُ.
وَلَمْ يَفْرِضْ عَلَيْهِ قِتَالَهُمْ، وَأَبَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِعُزْلَتِهِمْ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ :﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾، وَقَوْلَهُ :﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾، وَقَوْلَهُ :﴿ مَا عَلَى الرَّسُولِ إلَّا الْبَلَاغُ ﴾ مَعَ أَشْيَاءَ ذُكِرَتْ فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فِي [ مِثْلِ ] هَذَا الْمَعْنَى.
وَأَمَرَهُمْ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) بِأَنْ لَا يَسُبُّوا أَنْدَادَهُمْ ؛ فَقَالَ :{ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ