الْإِذْنُ بِالْهِجْرَةِ ( أَنَا ) أَبُو سَعِيدٍ نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ مُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ، زَمَانًا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِيهِ بِالْهِجْرَةِ مِنْهَا ؛ ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ لَهُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَجَعَلَ لَهُمْ مَخْرَجًا.
فَيُقَالُ : نَزَلَتْ :﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾.
فَأَعْلَمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَنْ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ [ بِالْهِجْرَةِ ] مَخْرَجًا ؛ قَالَ :﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ الْآيَةَ وَأَمَرَهُمْ بِبِلَادِ الْحَبَشَةِ فَهَاجَرَتْ إلَيْهَا [ مِنْهُمْ ] طَائِفَةٌ.
ثُمَّ دَخَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ [ فِي ] الْإِسْلَامِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَائِفَةً فَهَاجَرَتْ إلَيْهِمْ : غَيْرَ مُحَرِّمٍ عَلَى مَنْ بَقِيَ، تَرْكُ الْهِجْرَةِ.
وَذَكَرَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) أَهْلَ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ :﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ﴾، وَقَالَ ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ ﴾، وَقَالَ ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾.
قَالَ : ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : بِالْهِجْرَةِ مِنْهَا ؛ فَهَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) إلَى الْمَدِينَةِ.
وَلَمْ يُحَرِّمْ فِي هَذَا، عَلَى مَنْ بَقِيَ بِمَكَّةَ، الْمُقَامَ بِهَا : وَهِيَ دَارُ شِرْكٍ.
وَإِنْ قَلُّوا بِأَنْ يُفْتَنُوا.
[ وَ ] لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ بِجِهَادٍ.
ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) لَهُمْ بِالْجِهَادِ ؛ ثُمَّ فَرَضَ بَعْدَ هَذَا عَلَيْهِمْ أَنْ يُهَاجِرُوا مِنْ دَارِ الشِّرْكِ، وَهَذَا مَوْضُوعٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضُوعِ.


الصفحة التالية
Icon