اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) مِنْ قَوْلِهِمْ :﴿ لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ﴾، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا حَكَى اللَّهُ مِنْ نِفَاقِهِمْ ثُمَّ غَزَا غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَشَهِدَهَا مَعَهُ مِنْهُمْ، قَوْمٌ : نَفَرُوا بِهِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ : لِيَقْتُلُوهُ ؛ فَوَقَاهُ اللَّهُ شَرَّهُمْ.
وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ مِنْهُمْ فِيمَنْ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) عَلَيْهِ، فِي غَزَاةِ تَبُوكَ، أَوْ مُنْصَرَفِهِ مِنْهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي تَبُوكَ قِتَالٌ مِنْ أَخْبَارِهِمْ ؛ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ ﴾ ؛ قَرَأَ إلَى قَوْلِهِ :﴿ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ ﴾.
فَأَظْهَرَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) لِرَسُولِهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَسْرَارَهُمْ، وَخَبَرَ السَّمَّاعِينَ لَهُمْ، وَابْتِغَاءَهُمْ أَنْ يَفْتِنُوا مَنْ مَعَهُ بِالْكَذِبِ وَالْإِرْجَافِ، وَالتَّخْذِيلِ لَهُمْ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كَرِهَ انْبِعَاثَهُمْ، [ فَثَبَّطَهُمْ ] إذْ كَانُوا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ، فَكَانَ فِيهَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ ( عَزَّ وَجَلَّ ) أَمَرَ أَنْ يُمْنَعَ مَنْ عُرِفَ بِمَا عُرِفُوا بِهِ مِنْ أَنْ يَغْزُوَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ : لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ زَادَ فِي تَأْكِيدِ بَيَانِ ذَلِكَ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ ﴾ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) [ قَرَأَ ] إلَى قَوْله تَعَالَى :﴿ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ﴾.
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ.


الصفحة التالية
Icon