وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَرَضَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) : قِتَالَ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُسْلِمُوا، وَأَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ وَقَالَ :﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا ﴾.
فَبِذَا فُرِضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا أَطَاقُوهُ ؛ فَإِذَا عَجَزُوا عَنْهُ فَإِنَّمَا كُلِّفُوا مِنْهُ مَا أَطَاقُوهُ ؛ فَلَا بَأْسَ : أَنْ يَكُفُّوا عَنْ قِتَالِ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَأَنْ يُهَادِنُوهُمْ.
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إلَى أَنْ قَالَ : فَهَادَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ( يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ بِالْحُدَيْبِيَةِ ) فَكَانَتْ الْهُدْنَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ فِي سَفَرِهِ فِي أَمْرِهِمْ :﴿ إنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ﴾ قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَمَا كَانَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ أَعْظَمَ مِنْهُ وَذَكَرَ : دُخُولَ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ : حِينَ أَمِنُوا.
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي مُهَادَنَةِ مَنْ يَقْوَى عَلَى قِتَالِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُهَادَنَتُهُمْ عَلَى النَّظَرِ : عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ﴾ الْآيَةَ وَمَا بَعْدَهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَمَّا قَوِيَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ أَنْزَلَ اللَّهُ ( تَعَالَى ) عَلَى النَّبِيِّ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) مَرْجِعَهُ مِنْ تَبُوكَ :﴿ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾.
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إلَى أَنْ قَالَ : فَقِيلَ : كَانَ الَّذِينَ عَاهَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : قَوْمًا مُوَادِعِينَ إلَى غَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَجَعَلَهَا اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ؛ ثُمَّ جَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كَذَلِكَ.
وَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي قَوْمٍ عَاهَدَهُمْ إلَى مُدَّةٍ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ أَنْ يُتِمَّ إلَيْهِمْ


الصفحة التالية
Icon