فَلَا يُؤَدِّي أَحَدٌ نَفَقَةً فِي امْرَأَةٍ فَاتَتْ، إلَّا ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) لِلْمُسْلِمِينَ :﴿ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ فَأَبَانَهُنَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَنَّ ذَلِكَ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ.
وَكَانَ الْحُكْمُ فِي إسْلَامِ الزَّوْجِ، الْحُكْمَ فِي إسْلَامِ الْمَرْأَةِ : لَا يَخْتَلِفَانِ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ؛ ﴿ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ﴾.
يَعْنِي ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) أَنَّ أَزْوَاجَ الْمُشْرِكَاتِ : مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ؛ إذَا مَنَعَهُنَّ الْمُشْرِكُونَ إتْيَانَ أَزْوَاجِهِنَّ : بِالْإِسْلَامِ أَدَّوْا مَا دَفَعَ إلَيْهِنَّ الْأَزْوَاجُ مِنْ الْمُهُورِ ؛ كَمَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ مَا دَفَعَ أَزْوَاجُ الْمُسْلِمَاتِ مِنْ الْمُهُورِ.
وَجَعَلَهُ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) حُكْمًا بَيْنَهُمْ.
ثُمَّ حَكَمَ [ لَهُمْ ] فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَعْنَى حُكْمًا ثَانِيًا ؛ فَقَالَ :﴿ وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ ﴾ كَأَنَّهُ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) يُرِيدُ فَلَمْ تَعْفُوا عَنْهُمْ إذَا لَمْ يَعْفُوا عَنْكُمْ مُهُورَ نِسَائِكُمْ ؛ ﴿ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا ﴾.
كَأَنَّهُ يَعْنِي مِنْ مُهُورِهِمْ ؛ إذَا فَاتَتْ امْرَأَةُ مُشْرِكٍ : أَتَتْنَا مُسْلِمَةً ؛ قَدْ أَعْطَاهَا مِائَةً فِي مَهْرِهَا ؛ وَفَاتَتْ امْرَأَةٌ مُشْرِكَةٌ إلَى الْكُفَّارِ، قَدْ أَعْطَاهَا مِائَةً حُسِبَتْ مِائَةُ الْمُسْلِمِ، بِمِائَةِ الْمُشْرِكِ.
فَقِيلَ : تِلْكَ الْعُقُوبَةُ.
قَالَ : وَيُكْتَبُ بِذَلِكَ إلَى أَصْحَابِ عُهُودِ الْمُشْرِكِينَ :[ حَتَّى ] يُعْطَى الْمُشْرِكُ مَا قَصَصْنَاهُ مِنْ مَهْرِ امْرَأَتِهِ لِلْمُسْلِمِ الَّذِي فَاتَتْ امْرَأَتُهُ إلَيْهِمْ : لَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ.
ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى [ هَذَا ] الْقَوْلِ فِي مَوْضُوعِ دُخُولِ النِّسَاءِ فِي صُلْحِ النَّبِيِّ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) بِالْحُدَيْبِيَةِ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : وَإِنَّمَا ذَهَبْتُ إلَى أَنَّ


الصفحة التالية
Icon