وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَحَلَّ اللَّهُ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) : طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَانَ طَعَامُهُمْ عِنْدَ بَعْضِ مَنْ حَفِظْتُ عَنْهُ : مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ ذَبَائِحَهُمْ وَكَانَتْ الْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى إحْلَالِ ذَبَائِحِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ ذَبَائِحُهُمْ يُسَمُّونَهَا لِلَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) ؛ فَهِيَ : حَلَالٌ.
وَإِنْ كَانَ لَهُمْ ذَبْحٌ آخَرُ يُسَمُّونَ عَلَيْهِ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) ؛ مِثْلَ : اسْمِ الْمَسِيحِ أَوْ يَذْبَحُونَهُ بِاسْمٍ دُونَ اللَّهِ لَمْ يَحِلَّ هَذَا مِنْ ذَبَائِحِهِمْ [ وَلَا أُثْبِتُ أَنَّ ذَبَائِحَهُمْ هَكَذَا.
] قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَدْ يُبَاحُ الشَّيْءُ مُطْلَقًا : وَإِنَّمَا يُرَادُ بَعْضُهُ، دُونَ بَعْضٍ فَإِذَا زَعَمَ أَنَّ الْمُسْلِمَ : إنْ نَسِيَ اسْمَ اللَّهِ : أُكِلَتْ ذَبِيحَتُهُ، وَإِنْ تَرَكَهُ اسْتِخْفَافًا لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ : وَهُوَ لَا يَدَعُهُ لِشِرْكٍ كَانَ مَنْ يَدَعُهُ عَلَى الشِّرْكِ ؛ أَوْلَى أَنْ يُتْرَكَ ذَبِيحَتُهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) لُحُومَ الْبُدْنِ مُطْلَقَةً ؛ فَقَالَ تَعَالَى :﴿ فَإِذَا وَجَبَتْ جَنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا ﴾، وَوَجَدْنَا بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ، يَذْهَبُ إلَى أَنْ لَا يُؤْكَلَ مِنْ الْبَدَنَةِ الَّتِي هِيَ نَذْرٌ، وَلَا جَزَاءُ صَيْدٍ وَلَا فِدْيَةٌ.
فَلَمَّا احْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ذَهَبْنَا إلَيْهِ، وَتَرَكْنَا الْجُمْلَةَ لَا أَنَّهَا بِخِلَافِ الْقُرْآن وَلَكِنَّهَا مُحْتَمِلَةٌ وَمَعْقُولٌ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي مَالِهِ ؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فَهَكَذَا : ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالدَّلَالَةِ مُشْبِهَةٌ لِمَا قُلْنَا.


الصفحة التالية
Icon