( أَنَا ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ( يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ ) ؛ أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ : سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى، يَقُولُ : قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾.
قَالَ : لَا يَكُونُ فِي هَذَا الْمَعْنَى، إلَّا : هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَحْكَامُ وَمَا عَدَاهَا فَهُوَ : الْأَكْلُ بِالْبَاطِلِ ؛ عَلَى الْمَرْءِ فِي مَالِهِ فَرْضٌ مِنْ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) لَا يَنْبَغِي لَهُ [ التَّصَرُّفُ ] فِيهِ ؛ وَشَيْءٌ يُعْطِيهِ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَمِنْ الْبَاطِلِ، أَنْ يَقُولَ : اُحْرُزْ مَا فِي يَدِي، وَهُوَ لَكَ.
وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ( إجَازَةً ) أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ، حَدَّثَهُمْ أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ، قَالَ : الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) : جِمَاعُ مَا يَحِلُّ : أَنْ يَأْخُذَهُ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ ؛ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ :( أَحَدُهَا ) مَا وَجَبَ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ مِمَّا لَيْسَ لَهُمْ دَفْعُهُ مِنْ جِنَايَاتِهِمْ، وَجِنَايَاتِ مَنْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ.
وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ بِالزَّكَاةِ، وَالنُّذُورِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَ [ ثَانِيهَا ] مَا أَوْجَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا أَخَذُوا بِهِ الْعِوَضَ : مِنْ الْبُيُوعِ، وَالْإِجَارَاتِ، وَالْهِبَاتِ : لِلثَّوَابِ، وَمَا فِي مَعْنَاهَا.
وَ [ ثَالِثُهَا ] مَا أَعْطَوْا مُتَطَوِّعِينَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ الْتِمَاسَ وَاحِدٍ مِنْ وَجْهَيْنِ :( أَحَدُهُمَا ) : طَلَبُ ثَوَابِ اللَّهِ ( وَالْآخَرُ ) : طَلَبُ الِاسْتِحْمَادِ إلَى مَنْ أَعْطَوْهُ إيَّاهُ.
وَكِلَاهُمَا مَعْرُوفٌ حَسَنٌ، وَنَحْنُ نَرْجُو عَلَيْهِ : الثَّوَابَ ؛ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ مَا أَعْطَى النَّاسُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَاحِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ :( أَحَدُهُمَا ) : حَقٌّ ؛