يَقُولُ : فَإِنْ اُطُّلِعَ ﴿ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إثْمًا ﴾ يَعْنِي : الدَّارِيَيْنِ ؛ [ أَيْ ] : كَتَمَا حَقًّا ؛ ﴿ فَآخَرَانِ ﴾ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ ؛ ﴿ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاَللَّهِ ﴾ فَيَحْلِفَانِ بِاَللَّهِ إنَّ مَالَ صَاحِبِنَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَإِنَّ الَّذِي نَطْلُبُ قِبَلَ الدَّارِيَيْنِ لَحَقٌّ ؛ ﴿ وَمَا اعْتَدَيْنَا إنَّا إذًا لَمِنْ الظَّالِمِينَ ﴾.
فَهَذَا : قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ :﴿ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا ﴾ يَعْنِي : الدَّارِيَيْنِ وَالنَّاسَ ؛ [ أَنْ يَعُودُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ ].
[ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَعْنِي مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِ الدَّارِيَيْنِ ] مِنْ النَّاسِ.
وَلَا أَعْلَمُ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ مَعْنًى : غَيْرَ جُمْلَةِ مَا قَالَ.
وَإِنَّمَا مَعْنَى ﴿ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ﴾ أَيْمَانُ بَيْنِكُمْ ؛ كَمَا سُمِّيَتْ أَيْمَانُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ شَهَادَةً، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ إلَى أَنْ قَالَ : وَلَيْسَ فِي هَذَا رَدُّ الْيَمِينِ، إنَّمَا كَانَتْ يَمِينُ الدَّارِيَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَى الْوَرَثَةُ مِنْ الْخِيَانَةِ، وَيَمِينُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ عَلَى مَا ادَّعَى الدَّارِيَانِ أَنَّهُ صَارَ لَهُمَا مِنْ قِبَلِهِ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ ﴾، فَذَلِكَ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) أَنَّ الْأَيْمَانَ كَانَتْ عَلَيْهِمْ بِدَعْوَى الْوَرَثَةِ أَنَّهُمْ اخْتَانُوا ؛ ثُمَّ صَارَ الْوَرَثَةُ حَالِفِينَ : بِإِقْرَارِهِمْ أَنَّ هَذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ، وَادِّعَائِهِمْ شِرَاءَهُ مِنْهُ.
فَجَازَ أَنْ يُقَالَ :﴿ أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ ﴾ [ تُثَنَّى عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانُ.
بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ إنْ صَارَتْ لَهُمْ الْأَيْمَانُ ؛ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ حَلَفَ لَهُمْ ].
وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ :﴿ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا ﴾ فَيَحْلِفَانِ كَمَا أُحْلِفَا.
وَإِذَا كَانَ هَذَا كَمَا وَصَفْتُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ نَاسِخَةً، وَلَا مَنْسُوخَةً.
قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ