وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( إجَازَةً ) عَنْ الرَّبِيعِ قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ :( رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ) : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ الْآيَةُ.
فَأَبَانَ أَنَّهَا حَائِضٌ غَيْرُ طَاهِرٍ وَأَمَرَنَا أَنْ لَا نَقْرَبَ حَائِضًا حَتَّى تَطْهُرَ وَلَا إذَا طَهُرَتْ حَتَّى تَتَطَهَّرَ بِالْمَاءِ وَتَكُونُ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ.
وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ ﴾، قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعْتَزِلُوهُنَّ يَعْنِي فِي مَوَاضِعِ الْحَيْضِ.
وَكَانَتْ الْآيَةُ مُحْتَمِلَةً لِمَا قَالَ، وَمُحْتَمِلَةً أَنَّ اعْتِزَالَهُنَّ : اعْتِزَالُ جَمِيعِ أَبْدَانِهِنَّ وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اعْتِزَالِ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ مِنْهَا وَإِبَاحَةِ مَا فَوْقَهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَكَانَ مُبَيَّنًا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ حَتَّى يَطْهُرْنَ :﴾ أَنَّهُنَّ حُيَّضٌ فِي غَيْرِ حَالِ الطَّهَارَةِ وَقَضَى اللَّهُ عَلَى الْجُنُبِ أَنْ لَا يَقْرَبَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَغْتَسِلَ، فَكَانَ مُبَيِّنًا أَنْ لَا مُدَّةَ لِطَهَارَةِ الْجُنُبِ إلَّا الْغُسْلَ وَلَا مُدَّةَ لِطَهَارَةِ الْحَائِضِ إلَّا ذَهَابَ الْحَيْضِ، ثُمَّ الْغُسْلَ : لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ حَتَّى يَطْهُرْنَ ﴾ وَذَلِكَ : انْقِضَاءُ الْحَيْضِ :﴿ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ﴾ يَعْنِي بِالْغُسْلِ ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ طَهَارَةَ الْحَائِضِ : الْغُسْلُ وَدَلَّتْ عَلَى بَيَانِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ مِنْ أَنْ لَا تُصَلِّيَ الْحَائِضُ.
فَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ :﴿ وَأَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا تُصَلِّيَ حَائِضًا ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ طَاهِرٍ مَا كَانَ الْحَيْضُ قَائِمًا وَلِذَلِكَ