وَكُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ : وَإِنْ كَانَتْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَةَ أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرًا رَسُولًا وَمَا تُغْنِي الرِّسَالَةُ شَطْرَ عَمْرِو وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤْبَةَ : أَقُولُ لِأُمِّ زِنْبَاعٍ أَقِيمِي صُدُورَ الْعِيسِ شَطْرَ بَنِي تَمِيمِ وَقَالَ لَقِيطٌ الْإِيَادِيُّ : وَقَدْ أَظَلَّكُمْ مِنْ شَطْرِ ثَغْرِكُمْ هَوْلٌ لَهُ ظُلَمٌ تَغْشَاكُمْ قِطَعًا وَقَالَ الشَّاعِر : إنَّ الْعَسِيبَ بِهَا دَاءٌ مُخَامِرُهَا فَشَطْرَهَا بَصَرُ الْعَيْنَيْنِ مَسْحُورُ قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) يُرِيدُ [ تِلْقَاءَهَا ] بَصَرُ الْعَيْنَيْنِ وَنَحْوَهَا تِلْقَاءَ جِهَتِهَا.
وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ أَشْعَارِهِمْ يُبَيِّنُ : أَنَّ شَطْرَ الشَّيْءِ : قَصْدُ عَيْنِ الشَّيْءِ إذَا كَانَ مُعَايَنًا فَبِالصَّوَابِ وَإِنْ كَانَ مُغَيَّبًا : فَبِالِاجْتِهَادِ وَالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ، وَذَلِكَ أَكْثَرُ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ فَخَلَقَ اللَّهُ لَهُمْ الْعَلَامَاتِ وَنَصَبَ لَهُمْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَوَجَّهُوا إلَيْهِ.
وَإِنَّمَا تَوَجُّهُهُمْ إلَيْهِ بِالْعَلَامَاتِ الَّتِي خَلَقَ لَهُمْ وَالْعُقُولِ الَّتِي رَكَّبَهَا فِيهِمْ : الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى مَعْرِفَةِ الْعَلَامَاتِ وَكُلُّ هَذَا بَيَانٌ وَنِعْمَةٌ مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَوَجَّهَ اللَّهُ رَسُولَهُ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) إلَى الْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاةِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَكَانَتْ الْقِبْلَةُ الَّتِي لَا يَحِلُّ قَبْلَ نَسْخِهَا اسْتِقْبَالُ غَيْرِهَا.
ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ قِبْلَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ [ وَ ] وَجَّهَهُ إلَى الْبَيْتِ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَبَدًا لِمَكْتُوبَةٍ وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ غَيْرَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَكُلٌّ كَانَ حَقًّا فِي وَقْتِهِ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ.


الصفحة التالية
Icon