( أَنَا ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ تَعَالَى :﴿ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ الْآيَةَ.
فَهَذَا عَامٌّ لَا خَاصَّ فِيهِ، فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ سَمَاءٍ وَأَرْضٍ وَذِي رُوحٍ، وَشَجَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَاَللَّهُ خَالِقُهُ.
وَكُلُّ دَابَّةٍ فَعَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ الْآيَةُ، وَقَالَ تَعَالَى :﴿ إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَبَيَّنَ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ فَأَمَّا الْعُمُومُ مِنْهَا، فَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ﴾ فَكُلُّ نَفْسٍ خُوطِبَ بِهَذَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مَخْلُوقَةٌ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَكُلُّهَا شُعُوبٌ وَقَبَائِلُ.
وَالْخَاصُّ مِنْهَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ لِأَنَّ التَّقْوَى إنَّمَا تَكُونُ عَلَى مَنْ عَقَلَهَا وَكَانَ مِنْ أَهْلِهَا مِنْ الْبَالِغِينَ مِنْ بَنِي آدَمَ دُونَ الْمَخْلُوقِينَ مِنْ الدَّوَابِّ سِوَاهُمْ وَدُونَ الْمَغْلُوبِ عَلَى عُقُولِهِمْ مِنْهُمْ، وَالْأَطْفَالُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا عَقْلَ التَّقْوَى مِنْهُمْ.
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِالتَّقْوَى وَخِلَافِهَا إلَّا مَنْ عَقَلَهَا وَكَانَ مِنْ أَهْلِهَا