هو ابن عم الرسول الله ﷺ ولد قبل الهجرة بثلاث سنين لازم النبي ﷺ لأنه ابن عمه، وخالته ميمونة تحت النبي ﷺ، وضمنه النبي ﷺ إلى صدره وقال : اللهم علمه الحكمة، وفي رواية : الكتاب (٣)، وقال له حين وضع له وضوءه : اللهم فقه في الدين (٤)، فكان بهذا الدعاء المبارك حبر الأمة في نشر التفسير والفقه، حيث وفقه الله تعالى للحرص على العلم والجد في طلبه والصبر على تلقيه وبذله، فنال بذلك مكانا عاليا حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يدعوه إلى مجالسة ويأخذ بقوله، فقال المهاجرون : ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ ! فقال لهم : ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول، ثم دعاهم ذات يوم فأدخله معهم ليريهم منه ما رآه، فقال عمر : ما تقولون في قول الله تعالى :(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) (النصر: ١) حتى ختم السورة، فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا فتح علينا، وسكت بعضهم، فقال عمر لابن عباس : أكذلك تقول ؟ قال : لا، قال : فما تقول؟ قال : هو أجل رسول الله ﷺ، أعلمه الله له إذا جاء نصر الله، والفتح فتح مكة، فذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك، واستغفره إنه كان توابا، قال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : لنعم ترجمان القرآن ابن عباس، لو أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد، أي ما كان نظيرا له، هذا مع أن ابن عباس عاش بعده ستا وثلاثين سنة، فما ظنك بما اكتسب بعهده من العلم.
وقال ابن عمر لسائل سأله بما أنزل عن آية : انطلق إلى ابن عبسا فا سأله فإنه اعلم من بقي بما أنزل على محمد ﷺ، وقال عطاء : ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس فقها وأعظم خشية، إن أصحاب الفقه عنده، وأصحاب القرآن عنده، وأصحاب الشعر عنده، يصدرهم كلهم من واد واسع.