وثمت آيات يقال فيها : أول ما نزل، والمراد أول ما نزل باعتبار شيء معين، فتكون أولية مقيدة مثل : حديث جابر رضي الله عنه في ((الصحيحين )) (١). إن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله: أي القرآن أنزل أول؟ قال جابر:(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر: ١) قال أبو سلمة : أنبئت أنه
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق: ١) فقال جابر : لا أخبرك إلا بما قال رسول الله ﷺ : قال رسول الله ﷺ :( جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت...) فذكر الحديث وفيه :( فأتيت خديجة فقلت : دثروني، وصبوا علي ماء بارداً، وأنزل علي :(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر: ١) إلى قوله :(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر: ١-٥) ).
فهذه الأولية التي ذكرها جابر رضي الله عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحي، أو أول ما نزل في شأن الرسالة ؛ لأن ما نزل من سورة اقرأ ثبتت نبوة النبي ﷺ، وما نزل من سورة المدثر ثبتت به الرسالة في قوله ( قُمْ فَأَنْذِرْ) (المدثر: ٢)
ولهذا قال أهل العلم : إن النبي ﷺ نبئ ب(اقْرَأْ) (العلق: ١) وأرسل ب الْمُدَّثِّرُ) (المدثر: ١)
٣- نزول القرآن ابتدائي وسببي
ينقسم نزول القران إلى قسمين :
الأول : ابتدائي : ابتدائي : وهو ما لم يتقدم نزوله سبب يقتضيه، وهو غالب آيات القران، ومنه قوله تعالى :(وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (التوبة: ٧٥)