وكذلك أبو بكر: أحمد بن على، المعروف بابن الاخشيد، المعتزلي، المتوفى سنة ٣٦ ه، فإنه قد ألف كتابا أسماه: " نظم القرآن ".
وأول كتاب علمناه، يشتمل عنوانه على كلمة الاعجاز هو كتاب: " إعجاز القرآن في نظمه وتأليفه " لابي عبد الله: محمد بن يزيد الواسطي، المعتزلي، المتوفى سنة ٣٠٦ ه.
وهو من الكتب التى لا نعرف عنها غير أسمائها المجردة.
وقد بقى من الكتب المؤلفة في القرن الرابع عن إعجاز القرآن، ثلاثة كتب.
أولها: كتاب الرماني، وثانيها: كتاب الخطابى، وثالثها: كتاب الباقلانى.
وهى التى نعرض لها بالبيان والتحليل، فيما يلى: إعجاز القرآن للرماني: ولد أبو الحسن: على بن عيسى الرماني المعتزلي في سنة ٢٧٦، ومات سنة ٣٨٤ وكان يعرف أيضا بالاخشيدى، نسبة إلى أستاذه ابن الاخشيد، وبالوراق، لانه كان يحترف الوراقة.
وقال عنه ياقوت في معجم الادباء ٢٤ / ٧٤: " كان إماما في علم العربية، علامة في الادب، في طبقة أبى على الفارسى، وأبى سعيد السيرافى وله تصانيف في جميع العلوم: من النحو واللغة والنجوم والفقه والكلام، على رأى المعتزلة.
وكان يمزج كلامه في النحو بالمنطق، حتى قال أبو على الفارسى: إن كان النحو ما يقوله الرماني فليس معنا منه شئ، وإن كان ما نقوله نحن، فليس معه منه شئ ".
وقال عنه أبو حيان التوحيدي في الامتاع والمؤانسة ١ / ١٣٣: " وأما على بن عيسى فعالى الرتبة في النحو واللغة والكلام والعروض والمنطق، وعيب به، لانه لم يسلك طريق واضح المنطق، بل أفرد صناعة، وأظهر براعة وقد عمل في القرآن كتابا نفيسا.
هذا مع الدين الثخين، والعقل الرصين " وقال عنه في تقريظ الجاحظ، كما قال ياقوت، في معجم الادباء ١٤ / ٧٦ -: " لم ير مثله قط.. علما بالنحو، وغرازة في الكلام، وبصرا بالمقالات، واستخراجا للعويص، وإيضاحا للمشكل، مع تأله وتنزه ودين ويقين، وفصاحة وفقاهة وعفافة ونظافة "
البلاد) فدل على أن الجدال في تنزيله كفر وإلحاد.
ثم أخبر بما وقع (١) من تكذيب الامم برسلهم، بقوله عز وجل: (كذبت قبلهم قوم نوح والاحزاب من بعدهم، وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق) فتوعدهم بأنه آخذهم في الدنيا بذنبهم في تكذيب الانبياء.
ورد براهينهم فقال تعالى: (فأخذتهم فكيف كان عقاب).
ثم توعدهم بالنار، فقال تعالى: (وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار).
ثم عظم شأن المؤمنين بهذه الحجة، بما أخبر من استغفار الملائكة لهم، وما وعدهم عليه من المغفرة، فقال تعالى: (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا: ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم).
فلولا أنه برهان قاهر لم يذم الكفار على العدول عنه، ولم يحمد المؤمنين على المصير إليه.
ثم ذكر تمام الآيات في دعاء الملائكة للمؤمنين، ثم عطف على وعيد الكافرين، فذكر آيات، ثم قال: (هو الذى يريكم آياته).
فأمر بالنظر في آياته وبراهينه، إلى أن قال: (رفيع الدرجات ذو العرش، يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده، لينذر يوم التلاق) / فجعل القرآن والوحى به كالروح، لانه يؤدى إلى حياة الابد، ولانه لا فائدة للجسد
من دون الروح.
فجعل هذا الروح سببا (٢) للانذار، وعلما عليه، وطريقا إليه.
ولولا أن ذلك برهان بنفسه لم يصح أن يقع به الانذار والاخبار عما يقع عند مخالفته، ولم يكن الخبر عن الواقع في الآخرة عند ردهم دلالته (٣) من الوعيد - حجة ولا معلوما صدقه، فكان لا يلزمهم قبوله.
فلما خلص من الآيات في ذكر الوعيد على ترك القبول، ضرب لهم

(١) ا: " ما وقع م ": " عما وقع " (٢) م: " سبيلا " (٣) م: " دلالة " (*)


الصفحة التالية
Icon