إنى استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، فإن بر وعدل: فذاك ظنى به، ورأيى فيه، وإن جار وبدل فلا علم لى بالغيب، والخير أردت لكم (١)، ولكل امرئ ما اكتسب من الاثم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (٢).
* * *
وفى حديث عبد الرحمن بن عوف رحمة الله عليه، قال:
دخلت على أبى بكر الصديق رضى الله عنه، في علته التى مات فيها، فقلت: أراك بارئا يا خليفة رسول الله، فقال: أما إنى - على ذلك - لشديد الوجع، ولما لقيت منكم - يا معشر المهاجرين - أشد على من وجعى.
إنى وليت أموركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم (٣) أنفه أن يكون له الامر من دونه.
والله لتتخذن نضائد (٤) الديباج، وستور الحرير، ولتألمن النوم / على الصوف الاذربى (٥)، كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان (٦)، والذى نفسي بيده لان يقدم أحدكم فتضرب رقبته في غير حد، خير له من أن يخوض غمرات الدنيا. يا هادى الطريق جرت (٧)، إنما هو - والله - الفجر أو البجر (٨).

(١) م: " بكم " (٢) ورد هذا العهد في الكامل للمبرد ١ / ٨ (٣) قال المبرد ١ / ٧ " يقول: امتلا من ذلك غضبا.
وذكر أنفه دون السائر، كما قال: فلان شامخ بأنفه، يريد رافع رأسه.
وهذا يكون من الغضب " (٤) قال المبرد: " واحدة نضيدة، وهى الوسادة وما ينضد من المتاع... ويقال: نضدت المتاع: إذا ضممت بعضه إلى بعض، فهذا أصله " (٥) قال المبرد ١ / ٦ " الاذربى منسوب إلى أذربيجان " (٦) قال المبرد: " السعدان: نبت كثير الحسك (الشوك) تأكله الابل فتسمن عليه، ويغذوها غذاء لا يوجد في غيره، فمن أمثال العرب: مرعى ولا كالسعدان، تفضيلا له " (٧) س، ك: " جزت " (٨) س، ك: " البحره " قال المبرد ١ / ٧ " يقول: إن انتظرت حتى يضئ لك الفجر
الطريق أبصرت قصدك، وإن خبطت الظلماء وركبت العشواء هجما بك على المكروه.
وضرب ذلك مثلا لغمرات الدنيا وتحييرها أهلها " (*)


الصفحة التالية
Icon