أن انظر كيف أنت يا عمر عند ذلك ؟ وإنه لا حول ولا قوة لعمر - عند ذلك - إلا الله.
وكتبتما تحذراني ما حذرت به الامم قبلنا، وقديما كان اختلاف الليل والنهار بآجال الناس: يقربان كل بعيد، ويبليان كل جديد، ويأتيان بكل موعود: حتى يصير الناس إلى منازلهم، من الجنة أو النار، ثم توفى كل نفس بما كسبت، إن الله سريع الحساب.
وكتبتما تزعمان أن أمر هذه الامة يرجع في آخر زمانها: أن يكون إخوان العلانية أعداء السريرة، ولستم بذاك، وليس هذا ذلك الزمان، ولكن زمان ذلك (١) حين تظهر الرغبة والرهبة، فتكون رغبة بعض الناس إلى بعض إصلاح دينهم، ورهبة بعض الناس إصلاح دنياهم.
وكتبتما تعوذاننى بالله أن أنزل كتابكما منى سوى المنزل الذى نزل من قلوبكما، وإنما كتبتما نصيحة لى، وقد صدقتكما، فتعهداني منكما بكتاب، ولا غنى بى عنكما (٢).
عهد من عهود عمر رضى الله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، إلى عبد الله بن قيس (٣): سلام عليك.
أما بعد، فإن القضاء: فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلى إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له.
آس (٤) بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك، حتى لا يطمع شريف في حيفك (٥)، ولا ييأس ضعيف (٦) من عدلك.

(١) م: " ولستم بذلك... زمان هذا " (٢) الرياض النضرة ٢ / ٦١ (٣) هو أبى موسى الاشعري عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار اليماني الصحابي المشهور، راجع تاريخ الاسلام ٢ / ٢٥٥ - ٢٥٨ والمعارف ص ١١٥ وابن سعد ٦ / ٩ وخلاصة تذهيب الكمال ص ١٧٨ (٤) قال المبرد ١ / ٩ " يقول: سو بينهم، وتقديره: اجعل بعضهم أسوة بعض " (٥) قال المبرد: " أي في ميلك معه لشرفه " (٦) ك: " شريف " (*)


الصفحة التالية
Icon