وأحيلك فيما لم أنسخ على التواريخ والكتب المصنفة في هذا الشأن.
فتأمل ذلك، وسائر ما هو مسطر من الاخبار المأثورة عن السلف، وأهل البيان واللسن، والفصاحة والفطن، والالفاظ المنثورة، والمخاطبات الدائرة بينهم، والامثال المنقولة عنهم.
ثم انظر - بسكون طائر، وخفض جناح، وتفريغ لب، وجمع عقل - في ذلك، فسيقع لك الفصل (١) بين كلام الناس وبين كلام رب العالمين، وتعلم أن نظم القرآن يخالف نظم (٢) كلام الآدميين، وتعلم الحد الذى يتفاوت بين كلام البليغ والبليغ، والخطيب والخطيب، والشاعر والشاعر، وبين نظم القرآن جملة.
فإن خيل إليك، أو شبه عليك، وظننت أنه يحتاج أن يوازن بين نظم الشعر والقرآن، لان الشعر أفصح من الخطب، وأبرع من الرسائل، وأدق مسلكا من جميع أصناف المحاورات - ولذلك (٣) قالوا له صلى الله عليه وسلم: هو شاعر أو ساحر - وسول إليك الشيطان أن الشعر أبلغ وأعجب، وأرق (٤) وأبرع، وأحسن الكلام وأبدع - فهذا فصل فيه نظر بين المتكلمين، وكلام بين المحققين.

(١) ك: " الفضل " (٢) م: " مخالف لنظم " (٣) م: " وكذلك " (٤) م: " وأدق " (*)


الصفحة التالية
Icon