الله ! ويحكم، إن هذا الكلام لم يخرج عن إل (١)، فأين كان يذهب بكم ؟ ! ومعنى قوله: " لم يخرج عن إل ": أي عن ربوبية.
ومن كان له عقل لم يشتبه عليه سخف هذا الكلام (٢) ! * * * فنرجع الآن إلى ما ضمناه من الكلام على الاشعار المتفق على جودتها وتقدم أصحابها فى صناعتهم، ليتبين لك تفاوت أنواع الخطاب وتباعد مواقع أنواع (٣) البلاغة، وتستدل على مواضع البراعة.
وأنت (٤) لا تشك في جودة شعر " امرئ القيس " ولا ترتاب في براعته، ولا تتوقف في فصاحته، وتعلم أنه قد (٥) أبدع في طرق الشعر أمورا اتبع فيها، من ذكر الديار والوقوف عليها، إلى ما يصل بذلك: من البديع الذى أبدعه، والتشبيه الذى أحدثه، والمليح الذى تجد في شعره (٦)، والتصرف الكثير الذى تصادفه في قوله، والوجوه التى / ينقسم إليها كلامه: من صناعة وطبع، وسلاسة وعفو (٧)، ومتانة ورقة، وأسباب تحمد، وأمور تؤثر وتمدح.
وقد ترى الادباء أو لا (٨) يوازنون بشعره فلانا وفلانا، ويضمون أشعارهم إلى شعره، حتى ربما وازنوا بين شعر من لقيناه وبين شعره في أشياء لطيفة، وأمور بديعة، وربما فضلوهم عليه، أو سووا بينهم وبينه، أو قربوا موضع تقدمه عليهم (٩)، وبرزوه بين أيديهم.
وعلى أنه لو كان معجزا لتعلقت العرب وأهل الردة به، ولعرف أتباع النبي صلى الله عليه أنه عرض له،
ولوقع لهم العلم اليقين بأنه قد قوبل.
وفى عدم ذلك دليل على جهل مدعى ذلك، وعلى أن مسيلمة لم يدع هذا الكلام معجزا، ولا تحدى العرب بمثله فعجزوا عنه، بل كان في نفسه ونفس كل سامع له أخف وأسخف وأذل من أن يتعلق به.
ولذلك لا نجد له نبأ ولا أحدا من العرب تعلق به " (٣) هذه الكلمة من م (٤) م: " إنك " (٥) سقطت من م (٦) هكذا في الاصول الخطية، وفى س: " والتمليح الذى يوجد في شعره " (٧) كذلك في سائر الاصول، ولكنها غيرت في س أيضا إلى " وعلو " ! (٨) سقطت هذه الكلمة من م (٩) س، ك: " تقدمهم عليه " وم: " موقع تقدمه " (*)