هذا الثناء (١)، وكيف انتظم مع الكلام الاول، وكيف اتصل بتلك المقدمة، وكيف وصل بها ما بعدها من الاخبار عن الربوبية، وما دل به عليها من قلب العصا حية، وجعلها دليلا يدله عليه، ومعجزة تهديه إليه ؟ / وانظر إلى الكلمات المفردة القائمة بأنفسها في الحسن، وفيما تتضمنه من المعاني الشريفة، ثم ما شفع به هذه الآية، وقرن به هذه الدلالة: من اليد البيضاء - عن نور البرهان - من غير سوء.
ثم انظر في آية آية، وكلمة كلمة: هل تجدها كما وصفنا: من عجيب النظم، وبديع الرصف ؟ فكل كلمة لو أفردت كانت في الجمال (٢) غاية، وفى الدلالة آية، فكيف إذا قارنتها أخواتها، وضامتها ذواتها: [ مما ] (٣) تجرى في الحسن مجراها، وتأخذ في معناها ؟ ثم من قصة إلى قصة، ومن باب إلى باب، من غير خلل يقع في نظم الفصل إلى الفصل، وحتى يصور (٤) لك الفصل وصلا، ببديع (٥) التأليف، وبليغ التنزيل.
* * * وإن أردت أن تتبين ما قلناه فضل تبين، وتتحقق بما ادعيناه زيادة تحقق - فإن كنت من أهل الصنعة فاعمد إلى قصة من هذه القصص، وحديث من هذه الاحاديث، فعبر عنه بعبارة من جهتك، وأخبر عنه بألفاظ من عندك، حتى ترى فيما جئت به (٦) النقص الظاهر، وتتبين في نظم القرآن الدليل الباهر.
ولذلك (٧) أعاد قصة موسى في سور، وعلى طرق شتى، وفواصل مختلفة،
مع اتفاق المعنى.
فلعلك ترجع إلى عقلك، وتستر (٨) ما عندك، إن غلطت في أمرك، أو ذهبت في مذاهب وهمك، أو سلطت على نفسك وجه ظنك.

(١) م: " شأن هذا النبا " (٢) م " في الكلام غاية " (٣) الزيادة من م (٤) م: " وحتى يتصور " (٥) م: " لبديع " (٦) م: " به من " (٧) م: " وكذلك " (٨) م: " إلى نفسك وتسير " (*)


الصفحة التالية
Icon