اللحم ينشره اللبن بما يغذوه، فيتحصل بذلك أيضا لها حكم البعضية، فنشر (١) الحرمة بهذا المعنى، وألحقها بالوالدة.
وذكر الاخوات من الرضاعة، فنبه بها على كل من يدلى بغيرها، وجعلها تلو الام من الرضاع.
والكلام في إظهار حكم هذه الآية وفوائدها يطول، ولم نضع كتابنا لهذا، وسبيل هذا أن نذكره في كتاب " معاني القرآن " إن سهل الله لنا إملاءه وجمعه.
فلم تنفك هذه الآية من الحكم التى تخلف حكمة الاعجاز في النظم والتأليف، والفائدة التى تنوب مناب العدول عن البراعة في وجه الترصيف.
فقد علم السائل أنه لم يأت بشئ، ولم يهتد للاغراض (٢) في دلالات الكلام، وفوائده ومتصرفاته، وفنونه ومتوجهاته.
وقد يتفق في الشعر ذكر الاسامي فيحسن موقعه، كقول أبى ذؤاب الاسدي (٣): إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم * بعتيبة بن الحارث بن شهاب (٤) بأشدهم كلبا على أعدائه * وأعزهم فقدا على الاصحاب (٥) وقد يتفق ذكر الاسامي، فيفسد النظم، ويقبح الوزن.
والآيات الاحكاميات التى لابد فيها من أمر (٦) البلاغة، يعتبر فيها من الالفاظ (٧) ما يعتبر في غيرها، وقد يمكن فيها، وكل موضع أمكن ذلك فقد وجد في القرآن في بابه ما ليس عليه مزيد في البلاغة وعجيب النظم.
ثم في جملة الآيات ما إن لم تراع البديع البليغ في الكلمات الافراد والالفاظ الآحاد، فقد تجد ذلك مع تركب الكلمتين والثلاث، ويطرد ذلك في الابتداء، والخروج، والفواصل، وما يقع بين الفاتحة والخاتمة من الواسطة، أو باجتماع ذلك أو في

(١) م: " فتنتشر " (٢) م: " للاعتراض "، ك: " للاعراض " (٣) في العقد الفريد ٥ / ٣٤٩ الشعر لربيعة الاشتر، والد ذؤاب بن ربيعة، قاتل عتيبة بن الحارث بن شهاب (٤) في العقد: " فقد هتكت بيوثهم " (٥) في العقد: " بأحبهم فقدا إلى أعدائه * وأشدهم فقدا " (٦) م: " من ذكر " (٧) م: " من اللفظ " (*)


الصفحة التالية
Icon