فإن قال قائل: أجدك تحاملت على امرئ القيس، ورأيت أن شعره يتفاوت بين اللين والشراسة، وبين اللطف والشكاسة، وبين التوحش والاستئناس، والتفاوت والتباعد، ورأيت الكلام الاعدل أفضل، والنظام المستوثق (١) أكمل، وأنت تجد البحترى يسبق (٢) في هذا الميدان، ويفوت الغاية في هذا الشأن، وأنت ترى (٣) الكتاب يفضلون كلامه على كل كلام، ويقدمون رأيه في البلاغة على كل رأى، وكذلك تجد (٤) لابي نواس من بهجة اللفظ، ودقيق المعنى / ما يتحير فيه أهل الفضل (٥)، ويقدمه الشطار والظراف
على كل شاعر، ويرون لنظمه روعة لا يرون لنظم غيره * وزبرجا لا يتفق لسواه، فكيف يعرف فضل ما سواه عليه ؟ فالجواب: أن الكلام في أن الشعر لا يجوز أن (٦) يوازن به القرآن قد تقدم.
وإذ كنا قد بينا أن شعر امرئ القيس - وهو كبيرهم الذى يقرون بتقدمه، وشيخهم الذى يعترفون بفضله، وقائدهم الذى يأتمون به (٧)، وإمامهم الذى يرجعون إليه - كيف سبيله، وكيف (٨) طريق [ سقوط ] (٩) منزلته عن منزلة نظم القرآن، وأنه لا يلحظ (١٠) بشعره غبار ذلك، وهو إذا لحظ ذلك كان كما قال (١١).
فأصبحت من ليلى الغداة كناظر * مع الصبح في أعجاز نجم مغرب (١٢) / وكما قال أيضا: راحت مشرقة ورحت مغربا * فمتى التقاء مشرق ومغرب

(١) ك: " المستوسق " (٢) م ": سبق في هذا الميدان بفوت " (٣) م: " سترى " (٤) سقطت من م (٥) كذا في ا، م.
وفى س، ك: " أهل اللفظ " (٦) م: " الشعر لا يوازن به " (٧) م: " يعترفون بفضله، وإمامهم " (٨) م: " طريقة " (٩) الزيادة من م (١٠) كذا في ا، م.
وفى س، ك " لا يخلط بشعره " (١١) نسبه في اللسان ٢ / ١٢٩ لقيس بن الملوح، ثم قال: وقد نسب المبرد هذا البيت إلى " أبى حية النميري " لكنه في الكامل ١ / ١٧٢ لقيس
(١٢) في اللسان " في أعقاب نجم ".
والمغرب: الذى يأخذ في ناحية المغرب (*)


الصفحة التالية
Icon