برق سرى في بطن وجرة فاهتدت * بسناه أعناق الركاب الضلل (١) البيت الاول، في قوله: " ذلكم الخيال "، ثقل روح، وتطويل وحشو، وغيره أصلح له (٢).
وأخف منه قول الصنوبرى: أهلا بذاك الزور من زور * شمس بدت في فلك الدور وعذوبة الشعر تذهب بزيادة حرف أو نقصان حرف، فيصير إلى الكزازة، وتعود ملاحته بذلك ملوحة، وفصاحته عيا، وبراعته تكلفا، وسلاسته تعسفا، وملاسته تلويا وتعقدا.
فهذا فصل.
وفيه شئ آخر، وهو: أن هذا الخطاب إنما يستقيم مهما خوطب به الخيال حال إقباله، فأما أن يحكى الحال التى كانت وسلفت على هذه العيادة ففيه عهدة، وفى تركيب الكلام عن هذا المعنى عقدة (٣)، وهو / - لبراعته وحذقه في هذه الصنعة - يعلق (٤) نحو هذا الكلام، ولا ينظر في عواقبه، لان ملاحة قوله تغطى على عيون الناظرين فيه نحو هذه الامور.
ثم قوله: " فعل الذى نهواه أو لم يفعل " ليست بكلمة رشيقة، ولا لفظة ظريفة، وإن كانت كسائر الكلام.
فأما بيته الثاني، فهو عظيم الموقع في البهجة، وبديع المأخذ (٥)، حسن الرواء أنيق المنظر والمسمع، يملا القلب والفهم، ويفرح الخاطر، وتسرى (٦) بشاشته في العروق.
وكان البحترى يسمى نحو هذه الابيات: " عروق الذهب " وفى نحوه ما يدل على براعته في الصناعة، وحذقه (٧) في البلاغة.
ومع هذا كله فيه ما نشرحه من الخلل، مع الديباجة الحسنة، والرونق المليح.

(١) م: " فاهتدت بسراه " (٢) م، ا: " أملح له " (٣) كذا في ك.
وفى م: " على هذه العبارة ففيه عهدة، ومن ركب الكلام غير هذا المعنى عقده " (٤) ك: " تعلق ".
م " يعلم بنحو " (٥) م، ا: " وبديع الماء " (٦) كذا في ك، م، ا.
وفى س: " وترى " (٧) م: " وفى نحو ما يدل على البراعة في الصناعة، وحذق ".
ك: " وفى نحوه من الخلل مع الديباجة الحسنة " (*)


الصفحة التالية
Icon