وأما قوله بعد ذلك في وصف السيف، يقول: يتناول الروح البعيد منالها * عفوا ويفتح في القضا المقفل بإبانة في كل حتف مظلم * وهداية في كل نفس مجهل (١) ماض وإن لم تمضه يد فارس * بطل ومصقول وإن لم يصقل (٢) ليس لفظ البيت الاول بمضاه لديباجة شعره، ولا له بهجة نظمه، لظهور
أثر التكلف عليه، وتبين ثقل فيه.
وأما القضاء المقفل " وفتحه، فكلام غير محمود ولا مرضى ! واستعارة لو لم يستعرها كان (٣) أولى به ! وهلا عيب عليه كما عيب على أبى تمام قوله: فضربت الشتاء في أخدعيه * ضربة غادرته عودا ركوبا (٤) وقالوا: يستحق بهذه الاستعارة أن يصفع في أخدعيه ! وقد اتبعه البحترى في استعارة الاخدع، ولوعا باتباعه، فقال في الفتح بن خاقان: وإنى وإن أبلغتني شرف العلا * وأعتقت من ذل المطامع أخدعى (٥) إن شيطانه حيث زين له هذه الكلمة، [ و ] تابعه حين حسن عنده (٦) هذه اللفظة - لخبيث ما رد، وردئ معاند، أراد أن يطلق أعنة الذم فيه، ويسرح جيوش العتب إليه ! ولم يقنع بقفل القضاء، حتى جعل للحتف ظلمة تجلى بالسيف، وجعل السيف هاديا في النفس المجهل الذى لا يهتدى إليه ! وليس في هذا مع تحسين (٧) اللفظ وتنميقه شئ، لان

(١) في الديوان: " بإنارة في كل " (٢) س: " يمضه " (٣) س، ك: " كانت " (٤) ديوانه ص ٢٧ وفيه " غادرته قودا "، والقود والعود: الجمل.
والاخدعان: عرقان في جانبى العنق، كما في اللسان ٩ / ٤١٩ (٥) كذا في الديوان، وفى ك، س، م " وإنى قد بلغتني الشرف العلا " (٦) من قوله: " إن شيطانه " إلى هنا - سقط من م.
والزيادة من ا، ك (٧) م: " تحيس " (*)


الصفحة التالية
Icon