أمكنه أن يأتي بما له هذه الرتبة، وكان متعذرا على غيره، لفقد علمه بكيفية النظم.
وليس القوم بعاجزين عن الكلام، ولا عن النظم والتأليف.
والمعنى المؤثر عندهم في تعذر مثل نظم القرآن علينا: فقد العلم بكيفية النظم، وقد بينا قبل هذا أن المانع هو أنهم لا يقدرون عليه.
والمفحم قد يعلم كيفية الاوزان واختلافها، وكيفية التركيب، وهو لا يقدر على نظم الشعر.
وقد يعلم الشاعران (١) وجوه الفصاحة، وإذا قالا الشعر جاء شعر أحدهما في الطبقة العالية، وشعر الآخر في الطبقة الوضيعة.
وقد يطرد (٢) في شعر المبتدى والمتأخر في الحذق - القطعة الشريفة والبيت النادر، مما لا (٣) يتفق للشاعر المتقدم.
والعلم بهذا الشأن في التفصيل لا يغنى، ويحتاج معه إلى مادة من الطبع، وتوفيق من الاصل.
وقد يتساوى العالمان بكيفية الصناعة والنساجة، ثم يتفق لاحدهما من اللطف في الصنعة، ما لا يتفق للآخر (٤).
وكذلك أهل نظم الكلام - يتفاضلون، مع العلم بكيفية النظم، وكذلك أهل الرمى يتفاضلون في الاصابة، مع العلم بكيفية الاصابة.
وإذا وجدت للشاعر بيتا أو قطعة أحسن من شعر امرئ القيس، لم يدل (٥) ذلك على أنه أعلم بالنظم منه، لانه لو كان كذلك كان يجب أن يكون جميع شعره على ذلك الحد، وبحسب ذلك البيت في الشرف والحسن والبراعة، ولا يجوز أن يعلم نظم قطعة ويجهل نظم مثلها، وإن (٦) كان كذلك، علم أن هذا لا يرجع إلى قدره (٧) من العلم، ولسنا نقول: إنه يستغنى عن العلم في النظم، بل يكفى علم به في الجملة، ثم يقف الامر على القدرة.
وفى س " ترد " (٣) م، ا، ك: " وما لا يتفق " (٤) س: " في الآخر " (٥) كذا في ك، م.
وفى س " لا يدل " (٦) م: " فإذا ".
س " وإن "
(٧) كذا في ك، ب.
وفى ا، م " ما قدروه ".
س " إلى قدرة " (*)