ويشرب.
وقد اتهم العلماء الاهوازي بالوضع والاختلاق، وقد قال عنه تلميذه الخطيب البغدادي: " أبو على الاهوازي كذاب في الحديث والقرآن جميعا " ! الباقلانى وابن المعلم: وكان يعاصر الباقلانى إمام الرافضة ولسان الامامية أبو عبد الله: محمد بن محمد ابن النعمان بن سعيد، البغدادي الكوفى، المعروف بابن المعلم، والملقب عند الشيعة بالشيخ المفيد (٣٣٦ - ٤١٣) وكان ابن المعلم جليل المكانة في الدولة البويهية، وكان عضد الدولة يزوره في داره، وكان قويا في الكلام والفقه والجدل، مولعا بمناظرة أهل كل عقيدة.
قال الخطيب البغدادي ٥ / ٣٧٩: " إن ابن المعلم شيخ الرافضة ومتكلمها، حضر بعض مجالس النظر مع أصحاب له، إذ أقبل القاضى أبو بكر الاشعري، فالتفت ابن المعلم إلى أصحابه، وقال لهم: قد جاءكم الشيطان، فسمع القاضى كلامهم - وكان بعيدا من القوم - فلما جلس أقبل على ابن المعلم وأصحابه وقال لهم: قال الله تعالى: (إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا) أي إن كنت شيطانا فأنتم كفار، وقد أرسلت عليكم ! " قال القاضى: وحكى غير الخطيب أن الحكاية جرت للباقلاني مع أهل مجلس
فنا خسرو الملك، من شيوخ المعتزلة، وأنه كان داخلا إذ سمعهم يذكرون أمره، فقال لهم بعضهم: ما هو إلا شيطان ؟ فوصل إليهم وهو يتلو الآية.
قال: وسمعت بعض الشيوخ يحكى: أن ابن المعلم تكلم معه يوما فلما احتد الكلام بينهما، رماه ابن المعلم بكف باقلاء (فول) أعده له، يعرض له بما ينسب إليه، ليخجله بذلك ويحصره، فرد القاضى للحين يده في كمه ورماه بدرة أعدها له، فعجب من فطنته وإعداده للامور أشباهها قبل وقتها ! وفاة الباقلانى: حدث الخطيب البغدادي ٥ / ٣٨٢ عن على بن أبى على المعدل، قال: مات القاضى أبو بكر: محمد بن الطيب، في يوم السبت لسبع بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وأربعمائة.
معتدل، فنزيد في الفصاحة على طريقة القرآن، ونتجاوز حده في البراعة والحسن.
ولا معنى لقول من قدر أنه ترك السجع تارة إلى غيره ثم رجع إليه، لان ما تخلل بين الامرين يؤذن بأن وضع الكلام غير ما قدروه من التسجيع (١، لانه لو كان من باب السجع لكان أرفع نهاياته، وأبعد غاياته (٢).
ولا بد لمن جوز السجع فيه وسلك ما سلكوه من أن يسلم ما ذهب إليه (٣) النظام، وعباد بن سليمان، وهشام الفوطى، ويذهب مذهبهم، في أنه ليس في نظم القرآن وتأليفه إعجاز، وأنه يمكن معارضته، وإنما صرفوا عنه ضربا من الصرف (٤).
ويتضمن كلامه تسليم الخبط في طريقة النظم، وأنه منتظم من فرق شتى، ومن أنواع مختلفة ينقسم إليها خطابهم ولا يخرج عنها، ويستهين ببديع نظمه وعجيب تأليفه الذى وقع التحدي إليه.
وكيف يعجزهم الخروج عن السجع والرجوع إليه، وقد علمنا عادتهم في خطبهم وكلامهم أنهم كانوا لا يلزمون أبدا طريقة السجع والوزن، بل كانوا يتصرفون في أنواع مختلفة، فإذا ادعوا على القرآن مثل ذلك لم يجدوا فاصلة بين نظمى الكلامين.

(١) م: " من السجع " (٢) م: " أرفع نهاية وأبعد غاية " (٣) م: " مذهب النظام "
(٤) قال أبو الحسن الاشعري في كتابه " مقالات الاسلاميين " ص ٢٢٥: " واختلفوا في نظم القرآن، هل هو معجز أم لا ؟ على ثلاثة أقاويل: فقالت المعتزلة - إلا النظام وهشاما الفوطى وعباد بن سليمان -: تأليف القرآن ونظمه معجز، محال وقوعه منهم كاستحالة إحياء الموتى منهم، وأنه علم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال النظام: الآية والاعجوبة في القرآن ما فيه من الاخبار عن الغيوب، فأما التأليف والنظم فقد كان يجوز أن يقدر عليه العباد، لولا أن الله منعهم بمنع وعجز أحدثهما فيهم.
وقال هشام وعباد: لا نقول: إن شيئا من الاعراض يدل على الله سبحانه، ولا نقول أيضا: إن عرضا يدل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجعل القرآن علما للنبى صلى الله عليه وسلم.
وزعما أن القرآن أعراض ".
(*)


الصفحة التالية
Icon