وعن الشعبي رضي الله عنه عن مسروق، عن عبد الله قال: لما نظررسول الله ﷺ إلى القتلى يوم بدر مصرعين قال ﷺ لأبي بكر رضي الله عنه: " لو أن أبا طالب حي لعلم أن أسيافنا قد أخذت بالأنامل " قال: وذلك لقول أبي طالب:
| كذبتم وبيت الله إن جد ما أرى | لتلتبسن أسيافنا بالأنامل |
| وينهض قوم في الدروع إليهم | نهوض الروايا في طريق حلاحل |
فأنشده قصيدة للأعشى هجا بها علقمة بن علاثة، من السريع:
| علقم ما أنت إلى عامر | الناقض الأوتار والواتر |
وروي من وجه آخر أن حسان قال: يا رسول الله من نالتك يده وجب علينا شكره.
ومن المعروف في ذلك خبر عائشة رضوان الله عليها أنها قالت: كان رسول الله ﷺ كثيراً ما يقول: " أبياتك " فأقول، من الكامل:
| ارفع ضعيفك لايحر بك ضعفه | يوماً فتدركه العواقب قد نمى |
| يجزيك أو يثني عليك وإن من | أثنى عليك بما فعلت فقد جزى |
وأما علمه عليه السلام بالشعر فكما روي أن سودة أنشدت:
عدي وتيم تبتغي من تحالف
فظنت عائشة وحفصة رضي الله عنهما أنها عرضت بهما، وجرى بينهن كلام في هذ المعنى. فأخبر النبي ﷺ فدخل عليهن وقال: " يا ويلكن! ليس فى عديكن ولا تيمكن قيل هذا. وإنما قيل في عدي تميم وتيم تميم ". وتمام هذا الشعر، وهو لقيس بن معدان الكلبي من بني يربوع، من الطويل:
| فحالف ولا والله تهبط تلعة | من الأرض إلا أنت للذل عارف |
| ألا من رأى العبدين أو ذكرا له | عدي وتيم تبتغي من تحالف |
| يا أيها الجل المحول رحله | هلا نزلت بآل عبد الدار؟ |
| يا أيها الرجل المحول رحله | هلا سألت عن آل عبد مناف |
وأما ارتياحه ﷺ للشعر، واستحسانه له فقد جاء فيه الخبر من وجوه. من ذلك حديث النابغة الجعدي، قال: أنشدت رسول الله ﷺ قولي، ، من الطويل:
| بلغنا السماء مجدنا وجدودنا | وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا |
| ولاخير في حلم إذا لم تكن له | بوادر تحمي صفوه أن يكدرا |
| ولا خير في جهل إذا لم يكن له | حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا |