الثاني: أن الصوت حسناً كان أو فظيعاً خِلْقة لم يعلق الله عليه مدحاً ولا ذماً، لأنه ليس فعلاً للعبد وإنما يذم العبد ويمدح بأفعاله الاختيارية، فمن كان صوته غير حسن - مثلا - فإنه لا يذم على ذلك، ويذم بما يكون باختياره كرفع الصوت الرفع المنكر، كما يوجد ذلك في أهل الغلظ والجفاء من الفَدَّادِيْنَ والصخَّابين في الأسواق. وفي صفة النبي - ﷺ - :((ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخَّاب في الأسواق)). وقال تعالى عن لقمان في وصيته لابنه: ﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: ١٩]. فأمره أن يغض من صوته، وأن يقصد في مشيه، كما أمر المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم. (١) وحسن الصورة أو قبحها، وحسن الصوت أو قبحه، يكون كل منها علامة على الذم كما قال الله في المنافقين: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ﴾ [المنافقون: ٤]. وقال سبحانه: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾ [البقرة: ٢٠٤]. وعلى هذا: فالصوت المجرد لا يعلق عليه: شيء من الحب والبغض، الذي هو ملاك الأمر والنهي.