والعبادة: عبادة الله وحده لا شريك له ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ ﴾. وهذا المعنى يقرر قاعدة: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم. وينهى أن يشبه الأمر الديني الشرعي بالطبيعي البدعي لما بينهما من القدر المشترك كالصوت الحسن، ليس هو وحده مشروعاً، حتى ينضم إليه القدر المميز، كحروف القرآن، فيصير المجموع من المشترك، والمميز هو: الدين النافع ). انتهى. وعليه: فلا يعلق الصوت الحسن: بذل الإكرام والتجلة لصاحب الصوت الحسن على ما يبذله من صوت حسن، كما لا يعلق الإِكرام على حسن الصورة، لمن كان جميلاً، فعشق الصوت المجرد كعشق الصورة في النهي سواء. ولا تغتر بفعلات المتصوفة من التعبد بعشق الصورة بدون فاحشة، وإكرام صاحبها، والتعبد بعشق الصوت الحسن بدون قول زور أو منكر، وجعل ذلك من سبل التعبد والإِكرام، فهذا ضلال وفساد. (١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (٢) (فإن محبة النفوس: الصورة والصوت، قد تكون عظيمة جداً، فإذا جعل ذلك ديناً، وسُمِّي لله، صار كالأنداد، والطواغيت المحبوبة تديناً، وعبادة كما قال تعالى: ﴿ وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ﴾ [البقرة: ٩٣] ). وقال أيضاً رحمه الله تعالى: (٣) (وليس في دين الله محبة أحد لحسنه قط (٤)، فإن مجرد الحسن لا يثيب الله عليه ولا يعاقب، ولو كان كذلك كان يوسف عليه السلام، لمجرد حسنه، أفضل من غيره من الأنبياء لحسنه.
(٢) الاستقامة ١ / ٣٤٨.
(٣) الاستقامة ١ / ٣٤٩.
(٤) في الأصل: لحسنه لله فقط. ولعل الصواب ما أثبته (محقق الاستقامة). الناشر.