٦- التلحين في القراءة، تلحين الغناء والشَّعر. وهو مسقط للعدالة، ومن أسباب رد الشهادة، قَضَاءً. وكان أول حدوث هذه البدعة في القرن الرابع على أيدي الموالي. ومن أغلظ البدع في هذا، تلكم الدعوة الإِلحادية إلى قراءة القرآن، على إيقاعات الأغاني، مصحوبة بالآلات والمزامير. (١) قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: ٤٠، ٤٢].
٧- قراءة التطريب بترديد الأصوات، وكثرة الترجيعات. وقد بحث ابن القيم رحمه الله تعالى هذه المسألة بحثاً مستفيضاً، وبعد أن ذكر أدلة الفريقين المانعين والمجيزين، قال رحمه الله تعالى: (٢) (وفصل النزاع، أن يقال: التطريبُ والتغنَّي على وجهين، أحدهما: ما اقتضته الطبيعة، وسمحت به من غير تكلُّف ولا تمرين ولا تعليم، بل إذا خُلّي وطبعه، واسترسلت طبيعتُه، جاءت بذلك التطريب والتلحين، فذلك جائز. وإن أعان طبيعتَه بفضلِ تزيين وتحسين، كما قال أبو موسى الأشعري للنبي - ﷺ - :((لو علمتُ أنَّك تَسْمَعُ لحَبَّرتهُ لكَ تَحبِيراً)). والحزين ومن هاجه الطربُ، والحبُّ والشوقُ لا يملك من نفسه دفعَ التَحزين والتطريب في القراءة، ولكن النفوسَ تقبلُه وتستحليه لموافقته الطبع، وعدم التكلف والتصنع فيه، فهو مطبوع لا متطبَّع، وكَلفٌ لا متكلَّف، فهذا هو الذي يتأثر به التالي والسامعُ، وعلى هذا الوجه تُحمل أدلة أرباب هذا القول كلها.
(٢) زاد المعاد ١ / ٤٨٢، ٤٩٣.