وكان أبو عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل "ت٧٤ أو ٧٣هـ" يقول -لما يُروى الحديث: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه": هذا الذي أقعدني مقعدي هذا، يشير إلى كونه جالسًا في المسجد الجامع بالكوفة يعلم القرآن ويقرئه مع جلالة قدره وعلو كعبه في العلم وحاجة الناس إلى علمه، وبقي يقرئ الناس بجامع الكوفة أكثر من أربعين سنة، وعليه قرأ الحسن والحسين رضي الله عنهما١.
وقد خص الله تعالى هذه الأمة في كتابهم هذا المنزل على نبيهم -صلى الله عليه وسلم- بما لم يكن لأمة من الأمم في كتبها المنزلة؛ فإنه تعالى تكفل بحفظه دون سائر الكتب، ولم يكل حفظه إلينا، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ٢.
يقول الإمام ابن الجزري رحمه الله تعالى:
"وذلك إعظام لأعظم معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن الله تعالى تحدَّى بسورة منه أفصح العرب لسانًا، وأعظمهم عنادًا وعتوًّا وإنكارًا، فلم يقدروا على أن يأتوا
٢ الحجر: ٩.