وداوموا على تلاوته والتزموه، وكان هذا العصر هو عصر الأئمة القراء، وقد اشتهروا بتعليم كتاب الله تعالى، فأقرءوا بعض تلامذتهم بما التزموه، والبعض الآخرين بما يتلاءم وطبائعهم حسب اللغة واللهجة التي درجوا عليها، ولم يُقرئوهم باجتهادهم؛ بل بما تعلموه من أساتذتهم بالأسانيد المتصلة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويتبين من ذلك أن كلمة: "الاختيار" لا تعني إجراء قياس واجتهاد في القراءات القرآنية؛ بل المقصود منها اختيار بعض ما رووه من الأحرف دون البعض عند التعليم والإقراء.
أسباب الاختيار:
لماذا اختاروا ولم يقرءوا بكل ما تعلموه؟
لذلك سببان:
١- الترجيح بين الروايات، واختيار أشهرها وأكثرها رواة؛ لأنهم كانوا يتتبعون ما عليه الأكثر، ويتجنبون ما انفرد به بعض الرواة، وشذ به واحد، فهذا الإمام نافع طلب السماع والتلقي من أكثر الشيوخ، حتى سمع من سبعين من التابعين؛ لكنه لم يقرئ بكل ما سمعه من شيوخه؛ بل قال: "فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذته، وما شذ فيه واحد تركته حتى ألفت هذه القراءة


الصفحة التالية
Icon