قوله تعالى :﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ ﴾ في سبب نزولها قولان :
أحدهما : أن رسول الله ﷺ، كان قد أحرم بالعمرة في ذي القعدة سنة ست، فصدّه المشركون عن البيت، فصالحهم على أن يقضي في عامه الآخر، فحل ورجع، ثم اعتمر قاضياً في ذي القعدة سنة سبع، وأحلّت له قريش مكة حتى قضى عمرته. فنزل قوله تعالى :﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ ﴾ يعني ذا القعدة الذي قضى فيه العمرة من عامه وهو من الأشهر الحرم بالشهر الحرام الذي صدوكم فيه، وهو ذو القعدة في العام الماضي، سمي ذو القعدة لقعود العرب فيه عن القتال لحرمته.
ثم قال تعالى :﴿ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ﴾ لأن قريشاً فخرت على رسول الله ﷺ حين صدّته، فاقتص الله تعالى له، وهذا قول قتادة والربيع بن زيد.
والقول الثاني : أن سبب نزولها أن مشركي العرب، قالوا للنبي ﷺ : أَنُهِيتَ يا محمد عن قتالنا في الشهر الحرام؟ فقال نعم، فأرادوا أن يقاتلوه في الشهر الحرام، فأنزل الله تعالى :﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ﴾ أي إن استحلوا قتالكم في الشهر الحرام، فاستحلوا منهم مثل ما استحلوا منكم، وهذا قول الحسن البصري.


الصفحة التالية
Icon