قوله تعالى :﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ﴾ بمعنى فرض. وفي فرضه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه على أصحاب رسول الله ﷺ.
والثاني : أنه خطاب لكل أحد من الناس كلهم أبداً حتى يقوم به من فيه كفاية، وهذا قول الفقهاء والعلماء.
والثالث : أنه فرض على كل مسلم في عينه أبداً، وهذا قول سعيد بن المسيب.
ثم قال تعالى :﴿ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ﴾ والكرْهُ بالضم إدخال المشقة على النفس من غير إكراه أحد. والكَره بالفتح إدخال المشقة على النفس بإكراه غيره له. ثم فيه قولان :
أحدهما : أنه فيه حذفاً وتقديره : وهو ذو كره لكم وهذا قول الزجاج.
والثاني : معناه وهو مكروه لكم، فأقام المقدّر مُقامه.
ثم في كونه كرهاً تأويلان :
أحدهما : وهو كره لكم قبل التعبد وأما بعده فلا.
الثاني : وهو كره لكم في الطباع قبل الفرض وبعده. وإنما يحتمل بالتعبد.
ثم قال تعالى :﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ﴾ وفي عسى ها هنا قولان :
أحدهما : أنه طمع المشفق مع دخول الشك.
والثاني : أنها بمعنى قد. وقال الأصم :﴿ وَعَسَى أن تَكْرَهُوا شَيئاً ﴾ من القتال ﴿ وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ يعني في الدنيا بالظفر والغنيمة، وفي الآخرة بالأجر والثواب، ﴿ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً ﴾ يعني من المتاركة والكف ﴿ وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾، يعني في الدنيا بالظهور عليكم وفي الآخرة بنقصان أجوركم.
﴿ وَاللهُ يَعْلَمُ ﴾ ما فيه مصلحتكم ﴿ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾


الصفحة التالية
Icon