قوله تعالى :﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ﴾ بلوغ الأجل ها هنا [ تناهيه ]، بخلاف بلوغ الأجل في الآية التي قبلها، لأنه لا يجوز لها أن تنكح غيره قبل انقضاء عدتها، قال الشافعي : فدخل اختلاف المعنيين على افتراق البلوغين.
ثم قال تعالى :﴿ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ ﴾ وفي العضل قولان :
أحدهما : أنه المنع، ومنه قولهم : داء عضال إذا امتنع من أن يُداوَى، وفلان عُضَلَةٌ أي داهية، لأنه امتنع بدهائه.
والقول الثاني : أن العضل الضيق، ومنه قولهم : قد أعضل بالجيش الفضاء، إذا ضاق بهم. وقال عمر بن الخطاب : قد أعضل بي أهل العراق، لا يرضون عن والٍ، ولا يرضى عنهم والٍ، وقال أوس بن حجر.
وليس أخُوكَ الدَّائِمُ العَهْدِ بالَّذِي | يذُمُّك إن ولَّى وَيُرْضِيك مُقبِلاً |
ولكنه النَّائي إذا كُنتَ آمِناً | وصاحِبُكَ الأدْنَى إذا الأمْرُ أعْضَلاَ |
وفي قوله تعالى :﴿ إِذَا تَرَاضَوا بَينَهُم بِالْمَعْرُوفِ ﴾ تأويلان :
أحدهما : إذا تراضى الزوجان.
والثاني : إذا رضيت المرأة بالزوج الكافي. قال الشافعي : وهذا بيّن في كتاب الله تعالى يدل على أن ليس للمرأة أن تنكح بغير وليّ.
واختلف أهل التأويل فيمن نزلت فيه هذه الآية على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها نزلت في معقل بن يسار زوّج أخته، ثم طلقها زوجها وتراضيا بعد العدة أن يتزوجها، فَعَضَلَهَا معقل، وهذا قول الحسن، وقتادة، ومجاهد.
والثاني : أنها نزلت في جابر بن عبد الله مع بنت عم له، وقد طلقها زوجها، ثم خطبها فأبى أن يزوجه بها، وهذا قول السدي.
والثالث : أنها نزلت عموماً في نهي كل ولي عن مضارة وليّته من النساء أن يعضلها عن النكاح، وهذا قول ابن عباس، والضحاك، والزهري.