قوله تعالى :﴿ لاَ جُنَاحَ عَلَيكُم إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ﴾ وقرأ حمزة والكسائي :﴿ تُمَاسُّوهُنَّ ﴾.
﴿ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾. وفيه قولان :
أحدهما : معناه ولم تفرضوا لهن فريضة.
والثاني : أن في الكلام حذفاً وتقديره : فرضتم أو لم تفرضوا لهن فريضة. والفريضة : الصدق وسمي فريضة لأنه قد أوجبه لها، وأصل الفرض : الواجب، كما قال الشاعر :

كانت فريضة ما أتيت كما كان الزِّناءُ فَريضةَ الرجْمِ
وكما يقال : فرض السلطان لفلان في الفيء، يعني أوجب له ذلك.
ثم قال تعالى :﴿ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الموسر قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِر قَدَرُهُ ﴾ أي أعطوهن ما يتمتعن به من أموالكم على حسب أحوالكم في الغنى والإقتار. واختلف في قدر المتعة على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن المتعة الخادم، ودون ذلك الوَرِق، ودون ذلك الكسوة، وهو قول ابن عباس.
والثاني : أنه قدر نصف صداق مثلها، وهو قول أبي حنيفة.
والثالث : أنه مُقَدَّر باجتهاد الحاكم، وهو قول الشافعي.
ثم قال تعالى :﴿ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقَّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾ واختلفوا في وجوبها على أربعة أقاويل :
أحدها : أنها واجبة لكل مطلقة، وهو قول الحسن، وأبي العالية.
والثاني : أنها واجبة لكل مطلقة إلا غير المدخول بها، فلا متعة لها، وهو قول ابن عمر، وسعيد بن المسيب.
والثالث : أنها واجبة لغير المدخول بها إذا لم يُسمّ لها صداق، وهو قول الشافعي.
والرابع : أنها غير واجبة، وإنما الأمر بها ندب وإرشاد، وهو قول شريح، والحكم.


الصفحة التالية
Icon