وروى مكحول، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله ﷺ :« إِنَّ المُلُوكَ قَدْ قَطَعَ اللهُ أَرْحَامَهُم فَلاَ يَتَوَاصَلُونَ حُبَّاً لِلْمُلْك حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُم لَيَقْتُلَ الأَبَ وَالإِبْنَ وَالأَخَ وَالعَمَّ، إِلاَّ أَهْلُ التَّقْوَى وَقَلِيلٌ مَّا هُم، وَلَزوَالُ جَبَلٍ عَن مَّوضِعِهِ أَهْوَنُ مِنْ زَوَالِ مُلْكِ لَمْ يَنْقَضِ
»
. ﴿ وَءَاتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ يعني داود، يريد بالملك السلطان وبالحكمة النبوة وكان ذلك عند موت طالوت بعد سبع سنين من قتل جالوت على ما حكاه ابن السائب.
ويحتمل وجهاً ثانياً : أن الملك الانقياد إلى طاعته، والحكمة : العدل في سيرته ويكون ذلك بعد موت طالوت عند تفرده بأمور بني إسرائيل.
﴿ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : صنعة الدروع والتقدير في السرد.
والثاني : كلام الطير وحكمة الزبور.
ويحتمل ثالثاً : أنه فعل الطاعات والأمر بها، واجتناب المعاصي والنهي عنها، فيكون على الوجه الأول ﴿ مِمَّا يَشَاءُ ﴾ داود، وعلى الثاني :﴿ مِمَّا يَشَاءُ ﴾ الله، وعلى الثالث ﴿ مِمَّا يَشَاءُ ﴾ الله ويشاء داود.
﴿ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأرضُ ﴾.
في الدفع قولان :
أحدهما : أن الله يدفع الهلاك عن البر بالفاجر، قاله عليّ كرم الله وجهه.
والثاني : يدفع بالمجاهدين عن القاعدين قاله ابن عباس.
وقوله تعالى :﴿ لَّفَسَدَتِ الأرْضُ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : لفسد أهل الأرض.
والثاني : لعم الفساد في الأرض. وفي هذا الفساد وجهان :
أحدهما : الكفر.
والثاني : القتل.


الصفحة التالية
Icon