مالي بأمرك كرسيّ أكاتمه ولا بكرسيّ عليم الغيب مخلوق
وقيل للعلماء : الكراسي، لأنهم المعتمد عليهم كما يقال لهم : أوتاد الأرض، لأنهم الذين بهم تصلح الأرض، قال الشاعر :
يحف بهم بيضُ الوجوه وعُلية كراسيُّ بالأحداث حين تنوبُ
أي علماء بحوادث الأمور، فدلت هذه الشواهد، على أن أصح تأويلاته، ما قاله ابن عباس، أنه علم الله تعالى.
وقرأ يعقوب الحضرمي : وُسْعُ كرسيِّه السمواتُ والأرضُ بتسكين السين من وسع وضم العين ورفع السموات والأرض على الابتداء والخبر، وفي تأويله وجهان :
أحدهما : لا يثقله حفظهما في قول الجمهور.
والثاني : لا يتعاظمه حفظهما، حكاه أبان بن تغلب. وأنشد :
ألا بكِّ سلمى اليوم بت جديدها وضَنّت وما كان النوال يؤودها
واختلفوا في الكناية بالهاء إلى ماذا تعود؟ على قولين :
أحدهما : إلى اسم الله، وتقديره ولا يُثقل الله حفظ السموات والأرض.
والثاني : تعود إلى الكرسي، وتقديره ولا يثقل الكرسيَّ حفظهما.
﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ في العلي تأويلان :
أحدهما : العلي بالاقتدار ونفوذ السلطان.
والثاني : العلي عن الأشباه والأمثال.
وفي الفرق بين العلي والعالي، وجهان محتملان :
أحدهما : أن العالي هو الموجود في محل العلو، والعلي هو مستحق العلو.
والثاني : أن العالي هو الذي يجوز أن يُشَارَكَ في علوه، والعلي هو الذي لا يجوز أن يُشَارَكَ في علوه، فعلى هذا الوجه، يجوز أن نصف الله بالعليّ، ولا يجوز أن نصفه بالعالي، وعلى الوجه الأول يجوز أن نصفه بهما جميعاً.


الصفحة التالية
Icon