والذي أقوله فيما أضمره وحدّث به نفسه ولم يفعله إنه مُؤَاخَذ بمأثم الاعتقاد دون الفعل، إلا أن يكون كَفُّه عن الفعل ندماً، فالندم توبة تمحص عنه مأثم الاعتقاد.
قوله تعالى :﴿ ءَامَنَ الرَّسُولُ ﴾ إلى قوله :﴿ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ ﴾ أما إيمان الرسول فيكون بأمرين : تحمُّل الرسالة، وإِبْلاَغ الأمة، وأما إيمان المؤمنين فيكون بالتصديق والعمل.
﴿ كُلٌّ ءَامَنَ باللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾. والإِيمان بالله يكون بأمرين : بتوحيده، وقبول ما أنزل على رسوله.
وفي الإِيمان بالملائكة وجهان :
أحدهما : الإِيمان بأنهم رسل الله إلى أنبيائه.
والثاني : الإِيمان بأن كل نفس منهم رقيب وشهيد.
﴿ وَكُتُبِهِ ﴾ قراءة الجمهور وقرأ حمزة :﴿ وكِتَابِهِ ﴾ فمن قرأ ﴿ وَكُتُبِهِ ﴾ فالمراد به جميع ما أنزل الله منها على أنبيائه. ومن قرأ :﴿ وَكِتَابِهِ ﴾ ففيه وجهان :
أحدهما : أنه عنى القرآن خاصة.
والثاني : أنه أراد الجنس، فيكون معناه بمعنى الأول وأنه أراد جميع الكتب والإِيمان بها والاعتراف بنزولها من الله على أنبيائه.
وفي لزوم العمل بما فيها ما لم يرد نسخ قولان :
ثم فيما تقدم ذكره من إيمان الرسول والمؤمنين - وإن خرج مخرج الخبر- قولان :
أحدهما : أن المراد به مدحهم بما أخبر من إيمانهم.
والثاني : أن المراد به أنه يقتدي بهم مَنْ سواهم.
ثم قال تعالى :﴿ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ﴾ يعني في أن يؤمن ببعضهم دون بعض، كما فعل أهل الكتاب، فيلزم التسوية بينهم في التصديق، وفي لزوم التسوية في التزام شرائعهم ما قدمناه من القولين، وجعل هذا حكاية عن قولهم وما تقدمه خبراً عن حالهم ليجمع لهم بين قول وعمل وماض ومستقبل.
﴿ وَقَالُوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ أي سمعنا قوله وأطعنا أمره.
ويحتمل وجهاً ثانياً : أن يراد بالسماع القبول، وبالطاعة العمل.
﴿ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا ﴾ معناه نسألك غفرانك، فلذلك جاء به منصوباً.
﴿ وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ يعني إلى جزائك.
ويحتمل وجهاً ثانياً : يريد به إلى لقائك لتقدم اللقاء على الجزاء.


الصفحة التالية
Icon