قوله تعالى :﴿ كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن الدأب : العادة، ( أي ) كعادة آل فرعون والذين من قبلهم.
والثاني : أن الدأب هنا الاجتهاد، مأخوذ من قولهم : دأبت في الأمر، إذا اجتهدت فيه.
فإذا قيل إنه العادة ففيما أشار إليه من عادتهم وجهان :
أحدهما : كعادتهم في التكذيب بالحق.
والثاني : كعادتهم من عقابهم على ذنوبهم.
وإذا قيل إنه الاجتهاد، احتمل ما أشار إليه من اجتهادهم وجهين :
أحدهما : كاجتهادهم في نصرة الكفر على الإِيمان.
والثاني : كاجتهادهم في الجحود والبهتان.
وفيمن أشار إليهم أنهم كدأب آل فرعون قولان :
أحدهما : أنهم مشركو قريش يوم بدر، كانوا في انتقام الله منهم لرسله والمؤمنين، كآل فرعون في انتقامه منهم لموسى وبني إسرائيل، فيكون هذا على القول الأول تذكيراً للرسول والمؤمنين بنعمة سبقت، لأن هذه الآية نزلت بعد بدر استدعاء لشكرهم عليها، وعلى القول الثاني وعداً بنعمة مستقبلة لأنها نزلت قبل قتل يهود بني قينقاع، فحقق وعده وجعله معجزاً لرسوله.


الصفحة التالية
Icon