قوله تعالى :﴿ يَأَهل الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : وأنتم تشهدون بما يدل على صحتها من كتابكم الذي فيه البشارة بها، وهذا قول قتادة، والربيع، والسدي.
والثاني : وأنتم تشهدون بمثلها من آيات الأنبياء التي تقرون بها.
والثالث : وأنتم تشهدون بما عليكم فيه الحجة.
قوله تعالى :﴿ يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : تحريف التوارة والإنجيل، وهذا قول الحسن، وابن زيد.
والثاني : الدعاء إلى إظهار الإسلام في أول النهار والرجوع عنه في آخره قصداً لتشكيك الناس فيه، وهذا قول ابن عباس، وقتادة.
والثالث : الإيمان بموسى وعيسى والكفر بمحمد ﷺ.
﴿ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ ﴾ يعني ما وجدوه عندهم من صفة محمد ﷺ، والبشارة به في كتبهم عناداً من علمائهم.
﴿ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ يعني الحق بما عرفتموه من كتبكم.
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَن تَبعَ دِينَكُمْ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : معناه لا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم.
والثاني : لا تعترفوا بالحق إلا لمن تبع دينكم.
واخْتُلِفَ في تأويل ذلك على قولين :
أحدهما : أنهم كافة اليهود، قال ذلك بعضهم لبعض، وهذا قول السدي، وابن زيد.
والثاني : أنهم يهود خبير قالوا ذلك ليهود المدينة، وهذا قول الحسن.
واختلف في سبب نهيهم أن يؤمنوا إلا لِمَنْ تَبعَ دينهم على قولين :
أحدهما : أنهم نُهُوا عن ذلك لِئَلاً يكون طريقاً لعبدة الأوثان إلى تصديقه، وهذا قول الزجاج.
والثاني : أنهم نُهُوا عن ذلك لِئَلاَّ يعترفوا به فيلزمهم العمل بدينه لإقرارهم بصحته.
﴿ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن في الكلام حذفاً، وتقديره : قل إن الهدى هدى الله ألاَّ يُؤْتَى أحدٌ مثل ما أوتيتم أُّيها المسلمون، ثم حذف « لا » من الكلام لدليل الخطاب عليها مثل قوله تعالى :﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا ﴾ [ النساء : ١٧٦ ] أي لا تضلوا، وهذا معنى قول السدى، وابن جريج. والثاني : أن معنى الكلام : قل إن الهدى هدى الله فلا تجحدوا أن يُؤْتى أحد مثل ما أوتيتم.
﴿ أَوْ يُحَآجُّوكُم عِندَ رَبِّكُم ﴾ فيه قولان :
أحدهما : يعني ولا تؤمنوا أن يُحَاجّوكم عند ربكم لأنه لا حجة لهم، وهذا قول الحسن، وقتادة.
والثاني : إن معناه حتى يُحَاجُّوكم عند ربكم، على طريق التبعيد، كما يقال : لا تلقاه أو تقوم الساعة، وهذا قول الكسائي، والفراء.
قوله تعالى :﴿ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنها النبوة، وهو قول الحسن، ومجاهد، والربيع.
والثاني : القرآن والإسلام، وهذا قول ابن جريج.
واختلفوا في النبوة هل تكون جزاءً على عمل ؟ على قولين :
أحدهما : أنها جزاء عن استحقاق.
والثاني : أنها تفضل لأنه قال :﴿ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ﴾.


الصفحة التالية
Icon