﴿ أَوَ لَمّآ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا ﴾ يعني بالمصيبة التي أصابتهم يوم أحد، وبالتي أصابوها يوم بدر.
﴿ قُلْتُمْ : أَنَّى هَذَا، قُلْ : هُوَ مِن عِنْدِ أَنفُسِكُمْ ﴾ في الذي هو من عند أنفسهم ثلاثة أقاويل :
أحدها : خلافهم في الخروج من المدينة للقتال يوم أحد، وقد كان النبي ﷺ أمرهم أن يتحصنواْ بها، وهذا قول قتادة، والربيع.
والثاني : اختيارهم الفداء من السبعين يوم بدر على القتل، وقد قيل لهم إن فعلتم ذلك قُتِلَ منكم مثلُهم، وهذا قول علي، وعبيدة السلماني.
والثالث : خلاف الرماة يوم أحد لأمر النبي ﷺ في ملازمة موضعهم.
﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَومَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبإِذْنِ اللهِ ولِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : ليرى المؤمنين.
والثاني : ليُمَيَّزُوا من المنافقين.
﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ ﴾ يعني عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه.
﴿ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوا قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ ﴾ يعني جاهدواْ.
﴿ أَوِ ادْفَعُوا ﴾ فيه قولان :
أحدهما : يعني تكثير السواد وإن لم يقاتلواْ وهو قول السدي وابن جريج.
والثاني : معناه رابطواْ على الخيل إن لم تقاتلواْ، وهو قول ابن عوف الأنصاري.
﴿ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لآَّتَّبَعْنَاكُمْ ﴾ قيل إن عبد الله بن عمرو ابن حزام قال لهم :[ اتقوا الله ولا تتركوا نبيكم فقال له ابن أبي ] : عَلاَمَ نقتل أنفسنا؟ ارجعواْ بنا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم.
﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَؤمَئِذٍ أَقْربُ مِنهُم لِلإِيمَانِ ﴾ لأنهم بإظهار الإيمان لا يحكم عليهم بحكم الكفار، وقد كانوا قبل ذلك بإظهار الإيمان أقرب إلى الإيمان، ثم صارواْ بما فعلوه أقرب إلى الكفر من الإيمان.
﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ يعني ما يظهرونه من الإسلام وليس في قلوبهم منه شيء.
وإنما قال :﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم ﴾ وإن كان القول لا يكون إلا به لأمرين :
أحدهما : التأكيد.
والثاني : أنه ربما نسب القول إلى الساكت مجازاً إذ كان به راضياً.
﴿ الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِم وَقَعَدُواْ : لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْ ﴾ يعني عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه حين انخذلوا وقعدوا، وكانوا نحو ثلثمائة وتخلف عنهم من قُتل منهم ( فقالواْ ) لو أطاعونا وقعدواْ معنا ما قُتِلواْ.
﴿ قُلْ فَادْرَؤُواْ عَن أَنفُسِكُم الْمَوتَ ﴾ أي ادفعواْ عن أنفسكم الموت، ومنه قول الشاعر :

تقول وقد درأتُ لها وضيني أهذا دينه أبداً وديني
﴿ إِن كُنتُم صَادِقِينَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : يعني في خبركم أنهم لو أطاعواْ ما قُتِلواْ.
والثاني : معناه إن كنتم محقين في تثبيطكم عن الجهاد فراراً من القتل.


الصفحة التالية
Icon