﴿ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴾ تقديراً لعددهن وحصراً لمن أبيح نكاحه منهن وهذا قول عكرمة.
﴿ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴾ معدول به عن اثنين وثلاث وأربع، وكذلك أُحاد وموحد، وثناء ومثنى، وثلاث ومثلث، ورباع ومربع، وهو اسم للعدد معرفة، وقد جاء الشعر بمثل ذلك، قال تميم بن أبي مقبل :

ترى العثرات الزُّرْق تحت لَبَانِه أُحاد ومثْنى أضعفتها كواهِله
وقال آخر :
قتلنا به من بين مَثْنى وموحد بأربعة منكم وآخر خامس
قال أبو عبيدة : ولم يسمع من العرب صرف ما جاوز الرباع والمربع عن جهته إلا في بيت للكميت، فإنه قال في العشرة عُشار وهو قوله :
فلم يَسْتَرِيَثُوكَ حتى رَمِدْ ت فوق الرجال خِصالاً عشاراً
وقال أبو حاتم : بل قد جاء في كلامهم من الواحد إلى العشرة، وأنشد قول الشاعر :
ضربت خماس ضربة عبشمي أدار سداس ألاَّ يستقيما
﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا ﴾ يعني في الأربع، ﴿ فَوَاحِدَةً ﴾ يعني من النساء.
﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ يعني في الإماء.
﴿ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أَلاَّ يكثر مَنْ تعولون، وهو قول الشافعي.
والثاني : معناه ألاّ تضلواْ، وهو قول ابن إسحاق، ورواه عن مجاهد.
والثالث : ألا تميلوا عن الحق وتجوروا وهو قول ابن عباس، وقتادة، وعكرمة.
وأصل العول الخروج عن الحد ومنه عول الفرائض لخروجها عن حد السهام المسمّاة، وأنشد عكرمة بيتاً لأبي طالب :
بميزان قسط لا يَخيسُ شعيرةً ووازن صِدْقٍ وزنهُ غير عائل
أي غير مائل.
وكتب عثمان بن عفان إلى أهل الكوفة في شيء عاتبوه فيه : إني لست بميزان قسطٍ لا أعول.
قوله تعالى :﴿ وءَآتُواْ النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ... ﴾ اختلف فِيمَنْ توجَّه إليه هذا الخطاب على قولين :
أحدهما : أنه متوجه إلى الأزواج، وهو قول الأكثرين.
والثاني : أنه متوجه إلى الأولياء، لأنهم كانواْ يتملكون في الجاهلية صداق المرأة، فأمر الله بدفع صدقاتهن إليهن، وهو قول أبي صالح.
وأما النَّحلة فهي العطية من غير بدل، وسمي الدين نِحْلَةَ، لنه عطية من الله، وفي تسميه النّحْل بذلك قولان :
أحدهما : أنه سمي نحلاً لما يعطي من العسل.
والثاني : لأن الله تعالى نَحَلهُ عباده.
وفي المراد بالنَّحلة في الصداق أربعة تأويلات :
أحدها : يعني فريضة مُسَمَّاة، وهو قول قتادة، وابن جريج.
والثاني : أنه نحلة من الله تعالى لهن بعد أن كان ملكاً للأولياء، وهو قول أبي صالحٍ.
والثالث : انه نهى لِما كانوا عليه من خِطْبة الشغار، والنكاح بغير صداق، وهو قول سليمان بن جعفر بن أبي المعتمر.
والرابع : انه أراد أن يطيبوا نفساً بدفعه، كما يطيبون نفساً بالنحل والهبة، وهو قول بعض المتأخرين.
﴿ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً ﴾ يعني الزوجات إن طبن نفساً عن شيء من صداقهن لأزواجهن في قول من جعله خطاباً للأزواج، ولأوليائهن في قول من جعله خطاباً للأولياء.
﴿ فَكُلُوهُ هُنِيئاً مَّرِيئاً ﴾ الهنيء ما أعقب نفعاً وشفاء، ومنه هنأ البعير للشفاء، قال الشاعر :


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
متبدلاً تَبْدُو مَحاسنه يَضَعُ الهناءَ مَواضِعَ النُّقبِ