قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيَل لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَءَاتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ﴾ فيمن نزلت هذه الآية فيه أربعة أقاويل :
أحدها : أنها نزلت في ناس من الصحابة استأذنوا النبي ﷺ بمكة في قتال المشركين فلم يأذن لهم، فلما كُتِبَ عليهم القتال وهم بالمدينة قال فريق منهم ما ذكره الله عنهم، وهذا قول ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، والسدي.
والثاني : أنها نزلت في المنافقين، وهو قول بعض البصريين.
والثالث : أنها نزلت في اليهود.
والرابع : أنها من صفة المؤمن لما طُبعَ عليه البشر من المخافة، وهذا قول الحسن.
﴿ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ﴾ في البروج ها هنا ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها القصور، وهو قول مجاهد، وابن جريج.
والثاني : أنها قصور في السماء بأعيانها تسمى بهذا الاسم، وهو قول السدي، والربيع.
والثالث : أنها البيوت التي في الحصون وهو قول بعض البصريين.
وأصل البروج الظهور، ومنه تبرج المرأة إذا أظهرت نفسها.
وفي المُشّيَّدَةِ ثلاثة أقاويل :
أحدها : المجصصة، والشيد الجص، وهذا قول بعض البصريين.
والثاني : أن المُشّيَّدَ المطول في الارتفاع، يقال شاد الرجل بناءه وأشاده إذا رفعه، ومنه أَشدت بذِكِرْ الرجل إذا رَفَعْتَ منه، وهذا قول الزجاج.
والثالث : أن المُشّيَّد، بالتشديد : المُطَّول، وبالتخفيف : المجصَّص.
قوله تعالى :﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ ﴾ في القائلين ذلك قولان :
أحدهما : أنهم المنافقون، وهو قول الحسن.
والثاني : اليهود، وهو قول الزجاج.
وفي الحسنة والسيئة ها هنا ثلاثة تأويلات :
أحدها : البؤس والرخاء.
والثاني : الخصب والجدب، وهو قول ابن عباس، وقتادة.
والثالث : النصر والهزيمة، وهو قول الحسن، وابن زيد.
وفي قوله :﴿ مِنْ عِندِكَ ﴾ تأويلان :
أحدهما : أي بسوء تدبيرك، وهو قول ابن زيد.
والثاني : يعنون بالشؤم الذي لحقنا منك على جهة التطُّير به، وهذا قول الزجاج، ومثله قوله تعالى :﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ ﴾ [ الأعراف : ١٣١ ].
قوله تعالى :
﴿ مَا أَصَابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِك ﴾ اختلف في المراد بهذا الخطاب على ثلاثة أقاويل.
أحدها : أن الخطاب متوجه إلى النبي ﷺ وهو المراد به.
والثاني : أنه متوجه إلى النبي ﷺ والمراد به غيره، وهو قول الزجاج.
والثالث : أنه متوجه إلى الإنسان، وتقديره : ما أصابك أيها الإنسان من حسنة فمن الله، وهذا قول قتادة.
وفي الحسنة والسيئة ها هنا ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الحسنة النعمة في الدين والدنيا، والسيئة المصيبة في الدين والدنيا، وهذا قول بعض البصريين.
والثاني : أن الحسنة ما أصابه يوم بدر، والسيئة ما أصابه يوم أحد من شج رأسه وكسر رباعيته، وهو قول ابن عباس، والحسن.
والثالث : أن الحسنة الطاعة، والسيئة المعصية، وهذا قول أبي العالية. قوله تعالى :﴿ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾ قولان :
أحدهما : يعني فبذنبك.
والثاني : فبفعلك.


الصفحة التالية
Icon