ثم قال تعالى :﴿ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنةٍ ﴾ فيهم ثلاثة أقاويل :
أحدها : هم أهل الذمة من أهل الكتاب، وهو قول ابن عباس، يجب في قتلهم الدية والكفارة.
والثاني : هم أهل عهد رسول الله ﷺ من العرب خاصة، وهذا قول الحسن.
والثالث : هم كل من له أمان بذمة أو عهد فيجب في قتله الدية والكفارة، وهو قول الشافعي.
ثم قال تعالى :﴿ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن الصوم بدل من الرقبة وحدها إذا عدمها دون الدية، وهذا قول الجمهور.
والثاني : أنه بدل من الرقبة والدية جميعاً عند عدمها، وهذا قول مسروقٍ.
قوله تعالى :﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا ﴾ قال ابن جريج : نزلت في مقيس بن صبابة، وقد كان رجل من بني فهر قتل أخاه، فأعطاه النبي ﷺ الدية وضربها علي بني النجار، فقبلها، ثم بعث رسول الله ﷺ مقيس بن صبابة ومعه الفهري في حاجة فاحتمل مقيس الفهريَّ وكان أَيِّدا فضرب به الأرض ورضخ رأسه بين حجرين ثم ألقى يغني :

قتلت به فِهراً وحملت عقله سراة بني النجار أرباب فارع
فقال رسول الله ﷺ :« أَظُنُّهُ أَحْدَثَ حَدَثاً، أَمَا وَاللَّهِ لَئِن كَانَ فَعَلَ لاَ أُؤَمِّنْهُ فِي حِلٍ وَلاَ حَرمٍ فَقُتِلَ عَامَ الفَتْحِ
»
. وروى سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس عن رسول الله ﷺ :« وَمَن يَقْتُلْ مَؤْمِناً مُّتَعمِدّاً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ... » الآية، فقيل له : وإن تاب وآمن وعمل صالحاً. قال وأنَّى له التوبة. قال زيد بن ثابت. فنزلت الشديدة بعد الهدنة بستة أشهر، يعني قوله تعالى :﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا ﴾ بعد قوله :﴿ وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً ءَاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهَ إِلاَّ بِالْحَقِّ ﴾ [ الفرقان : ٦٨ ].


الصفحة التالية
Icon