قوله تعالى :﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً ﴾ الآية اختلف في سبب نزول هذه الآية على قولين :
أحدهما : أنها نزلت في رسول الله ﷺ حين هم بطلاق سودة بنت زمعة فجعلت يومها لعائشة على ألا يطلقها، فنزلت هذه الآية فيها. وهذا قول السدي.
والقول الثاني : أنها عامة في كل امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً. والنشوز : الترفع عنها لبغضها، والإعراض : أن ينصرف عن الميل إليها لمؤاخذة أو أثرة.
﴿ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحا بَيْنَهُمَا صُلْحاً ﴾ إمَّا من تَرْكِ مهرٍ أو إسقاط قَسَم.
﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : يعني خيراً من النشوز والإعراض، وهو قول بعض البصريين.
والثاني : خير من الفرقة، وهو قول الزجاج.
﴿ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : أنفس النساء أحضرت الشح عن حقوقهن من أزواجهن وأموالهن، وهذا قول ابن عباس، وسعيد بن جبير.
والثاني : أحضرت نفس كل واحد من الرجل والمرأة الشح بحقه قبل صاحبه، وهو قول الحسن.
قوله تعالى :﴿ وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَآءِ ﴾ يعني بقلوبكم ومحبتكم.
﴿ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : ولو حرصتم أن تعدلوا في المحبة، وهو قول مجاهد.
والثاني : ولو حرصتم في الجماع، وهو قول ابن عباس.
﴿ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ ﴾ أي فلا تميلواْ بأفعالكم فتُتْبِعُوهَا أهواءَكم.
﴿ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ﴾ يعني لا أيِّماً ولا ذات زوْج.
قوله تعالى :﴿ وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ ﴾ يعني الزوجين إن تفرقا بالطلاق.
﴿ يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ ﴾ يحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : يغني الله كل واحد منهما بالقناعة والصبر عن صاحبه، ومعنى قوله :﴿ من سعته ﴾ أي من رحمته، لأنه واسع الرحمة.
والثاني : يغني الله كل واحد منهما عن صاحبه بمن هو خير منه، ومعنى قوله :﴿ من سعته ﴾ أي من قدرته لأنه واسع القدرة.
والثالث : يغني الله كل واحد منهما بمال يكون أنفع له من صاحبه. ومعنى قوله :﴿ من سعته ﴾ أي من غناه لأنه واسع الغنى.